واقع المنصات التعليمية الإلكترونية.. بين التطبيق والتحديات.. حامد لـ “الثورة”: من بين أفضل ٢٠٠ تجربة على مستوى العالم في أسبوع التعلم الرقمي بباريس

الثورة- تحقيق علا مفيد محمد:
في ضوء فلسفة التعليم عن بُعد، برزت في السنوات الأخيرة المنصات التعليمية الإلكترونية كوسيلة للإصلاح الدراسي، وتعويض للفاقد التعليمي، وخاصة بعد الحرب التي دمرت البنى التحتية وخصوصاً المدارس، واضطرار الكثير من الطلاب للنزوح والهجرة، وقد استمر تعزيز الاهتمام بتطوير هذه المنصات لأهميتها التي تأتي من كونها توفر سهولة الحصول على المعلومة مع عدم انخفاض قيمتها المعرفية، إضافةً إلى أنها توفر المال والوقت وتبتعد عن الجمود وتكسّر الملل بإضفاء أساليب جديدة ممتعة ومشجعة.
إلا أنه في ظل الظروف الصعبة التي نعيشها من عدم توفر الكهرباء بصورة مُساعدة، والضعف في شبكة الإنترنت، وانخفاض القدرة المادية عند الأغلبية، وبالتالي عدم قدرتهم على توفير ما ذُكر، أصبح هناك تحديات تواجهها هذه المنصات في الوصول إلى أكبر شريحة من الطلاب.
فكان لابد من الوقوف عند واقع عمل هذه المنصات ومعرفة إلى أي حد استطاعت أن تثبت جدواها، وفي إطار ذلك استطلعت “الثورة” آراء بعض المعلمات في عدة مدارس، ليتبين أن النسبة الكبرى من المعلمات يفتقدن للمهارات الكافية التي تمكنهن من العمل عبر هذه المنصات، والذي يحتاج إلى وقت وجهد كبيرين وتفرّغ لذلك حسب قولهن.


كما أن هناك العديد من المعلمات ممن عُرفن بنشاطهن وعملهن الدؤوب يفضّلن الاستمرار بإعطاء الدروس بأسلوب التلقين المباشر لا عبر الوسائل التعليمية الإلكترونية.
بالمقابل يوجد معلمات أثبتن حضورهن بمشاركات عدة قدمنها في المنصات التعليمية الإلكترونية، أو من خلال مجموعات على وسائل التواصل الاجتماعي كمجموعة (عائلة صانع الخالدين- الجوهرة التربوية) التي تسهم في تقديم نماذج امتحانية وأسئلة شاملة ومبادرات متنوعة لمساعدة الأهل والزملاء والأبناء الطلبة انطلاقاً من أهمية هذه المنصات والمجموعات في دعم العملية التعليمية باعتبارها تمكن المتعلم من الوصول لما تقدمه من دون التقيد بالحدود الزمانية والمكانية.
نموذج
المعلمة زينب يوسف للحلقة الأولى- إجازة في التربية- استطاعت – على الرغم من وجود بعض الصعوبات التقنية – تقديم العديد من المواقف التعليمية عبر منصة طرطوس التربوية من خلال صناعة المحتوى التعليمي، فقد صممت العديد من الفيديوهات التعليمية، وقامت بدمج التقانة في التعليم بتحويل مادة (العربية لغتي) للصف الخامس إلى فيديوهات تعليمية باستخدام التكنولوجيا، كما استخدمت استراتيجيات التعلم النشط في قاعتها الصفية وابتكرت العديد من الألعاب التعليمية أدرجت في كتيّب إلكتروني وزاري تحت عنوان (طرائق وألعاب تعليمية مبتكرة من الميدان)، إضافة إلى العديد من النشاطات التعليمية التي تنشرها عبر صفحتها التعليمية ومواقع التواصل الاجتماعي، والجدير بالذكر أنها حصلت على شهادات ثناء وتقدير من عدة جهات بدءاً من مدرستها وصولاً إلى وزارة التربية.
ورداً على سؤالنا حول تأثير هذه النشاطات على التلاميذ، بينت المعلمة زينب يوسف أن الأثر إيجابي، فالمهارات والخبرات التعليمية العلمية تكون أكثر فاعلية وأبقى أثراً من خلال مشاركة المتعلم في اكتسابها كمهارة التفكير العلمي الناقد ومهارة العمل كجزء من فريق وتحمل المسؤولية في أداء الدور المطلوب منه ما يزيد من ثقة الطالب بنفسه، ويزيد مستوى التعاون بينه وبين المعلم.
وأضافت: إن ما يميز المنصات التعليمية في عرض المادة العلمية هو التنوع في عرض المثيرات السمعية والبصرية بأسلوب مثير للاهتمام وبشكل متسلسل منظم يناسب المستوى العمري والعقلي للمتعلم، ناهيك عن إمكانية تخزين وعرض المقطع عدة مرات ما يسهم في زيادة التحصيل العلمي وتصحيح الأخطاء من دون الشعور بالخجل من الأقران، وهنا يظهر الأثر الإيجابي في تثبيت المعلومة وترسيخها مقارنة مع الطرائق التقليدية.


كما اعتبرت المعلمة يوسف أن مواقع التواصل الاجتماعي من المؤثرات القوية الفاعلة في تكوين شخصيات الناشئة من خلال ما تقدمه من معلومات مدعمة بالصور والأصوات والألوان والشخصيات القادرة على الإقناع، ويكون المتلقي أكثر تقبلاً واستجابة واستيعاباً لما يُنقل له ويُعرض عليه.
وتوجهت عبر “صحيفة الثورة” لأولياء أمور الطلاب، باعتبارهم جزءاً مكملاً لفريق التعلم عن بُعد، أن يعتمدوا الحوار والتوعية كوسيلة من أجل لعب دورهم المحوري في دعم أبنائهم ومساندتهم في اختيار ما يقدمه التعليم المبرمج، فالعلاقة بين الأسرة والمدرسة تكاملية، وإن اختلفت الوسائل والأساليب، إلا أن الغاية واحدة وهي بناء متعلم مثقف وواعٍ.
ابتكارات جديدة
وفي هذا الإطار أكد مدير المعلوماتية في وزارة التربية المهندس نجيب سلق لـ “الثورة” أن التعليم الإلكتروني من أهم الابتكارات الجديدة في مجال التعليم، ويتطلب تفكيراً مغايراً للتفكير التقليدي، ويقوم على استثمار التكنولوجيا الحديثة والتطور الحاصل عند الأطفال المتوجه بشكل كبير لاستخدام التكنولوجيا، فكان لابد من الاستفادة من هذه المهارات والعمل على تجاوز التحديات الأساسية للتعليم الإلكتروني، وذلك لأهميته في تحقيق وصول أكبر للمتعلمين بزوال الحدود الجغرافية والزمنية ومساهمته في تحسين جودة التعليم واكتساب الطلاب مهارات حديثة بتحفيزهم عبر برمجيات فعالة متاحة للجميع تجذب انتباههم وتحقق التفاعل بين الطلاب والمحتوى وحوار الطلاب فيما بينهم ما يساعدهم في المستقبل على الدخول في سوق العمل بكفاءة وفاعلية.
من جانبه عرّف مدير المنصات التربوية السورية محمود حامد بمشروع المنصات التربوية الذي بدأ منذ عام ٢٠١٧ بإطلاق المنصة التربوية السورية وتلى بعدها إطلاق عدة منصات حتى عام ٢٠٢٢ كمنصة دمشق التربوية ومنصة حماة وطرطوس التربوية وبيّن الخدمات التي تقدمها هذه المنصات من مناهج إثرائية ومختبرات افتراضية تحاكي الواقع بنسبة كبيرة وتوفر مادياً على المدارس لعدم حاجتها إلى تأمين المكان والأدوات وشروط السلامة والأمان وذلك عبر تطبيق مجاني يؤدي الغرض المطلوب عند الطلاب، إضافة إلى الكتب الإلكترونية التفاعلية، والتي تعتبر أكبر إنجاز حيث تمكن الطالب من التصفح والتلوين وتسجيل الملاحظات وإعادته جديداً بكبسة زر.
وأكد حامد أن كل هذه الخدمات التي تقدمها المنصات وفق الظروف الحالية والإمكانيات المتاحة هي عملية جيدة جداً بتقييم من منظمة اليونسكو التي اختارت تجربة المنصات التربوية السورية من بين أفضل ٢٠٠ تجربة على مستوى العالم في أسبوع التعلم الرقمي بباريس والذي انعقد بتاريخ ٨/٩/٢٠٢٣ واعتبارها كمشروع رائد في تعويض الفاقد التعليمي أثناء الزلازل والحروب.
أما بالنسبة للتحديات التي تواجهها المنصات من ضعف الكهرباء وشبكة الإنترنت، فقد أوضح حامد لـ “الثورة”: أن وزارة الاتصالات فتحت المجال لوضع المنصات على شبكة (انترانت)، بحيث تساعد كل من يدخل للمنصة عبر الراوتر في منزله في أن لا يستهلك من باقته المنزلية، إضافة إلى منح باقات مخصصة للمنصات من شركات الاتصال (mtn _ syriatel) عدا عن إمكانية تقديم أي محتوى من المنصات عن طريق فلاشات أو CD لمواجهة مشكلة ضعف الإنترنت إن كان لأشخاص أو مؤسسات.
دور الإعلام التربوي
ولا يخفى دور الإعلام بصورة عامة والإعلام التربوي بصورة خاصة في دمج التقانة بالتعليم، حيث أشار مدير القناة التربوية السورية هيثم شاهين في حديثه لـ “الثورة” إلى أهمية الإعلام التربوي في عصرنا الحالي، حيث لا يمكن لأي مجتمع أن ينهض ويتقدم دون الاهتمام بالقيم والأهداف التربوية من خلال وسائله العامة والمتخصصة وتوظيفها في خدمة مجال التربية والتعليم.
كما أبرز شاهين دور الإعلام التربوي في تحقيق سياسة التعليم في سورية بتشجيع البحوث العلمية في جميع المجالات التربوية والإعلامية إضافة إلى تحقيق التواصل مع المجتمع من خلال نشر الأخبار التربوية لحظة بلحظة، وتزويد الرأي العام بالمعلومات الصحيحة عن البرامج والمشروعات التعليمية والتربوية التي تحقق المسؤولية الجماعية للعمل التربوي.
ختاماً.. التعليم الإلكتروني ليس بديلاً عن المعلم والكتاب المدرسي، بل هو داعم ومكمل لهما، ووجود معلمين أكفاء يمزجون ما بين التقنيات التعليمية واستخدام التكنولوجيا سيُخرج جيلاً من المتعلمين قادراً على مواكبة التطورات والتعامل مع ما تقدمه بنجاح.

آخر الأخبار
السفير الضحاك: عجز مجلس الأمن يشجع “إسرائيل” على مواصلة اعتداءاتها الوحشية على دول المنطقة وشعوبها نيبينزيا: إحباط واشنطن وقف الحرب في غزة يجعلها مسؤولة عن مقتل الأبرياء 66 شهيداً وأكثر من مئة مصاب بمجزرة جديدة للاحتلال في جباليا استشهاد شاب برصاص الاحتلال في نابلس معبر جديدة يابوس لا يزال متوقفاً.. و وزارة الاقتصاد تفوض الجمارك بتعديل جمرك التخليص السبت القادم… ورشة عمل حول واقع سوق التمويل للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة وآفاق تطويرها مدير "التجارة الداخلية" بالقنيطرة: تعزيز التشاركية مع جميع الفعاليات ٢٧ بحثاً علمياً بانتظار الدعم في صندوق دعم البحث العلمي الجلالي يطلب من وزارة التجارة الداخلية تقديم رؤيتها حول تطوير عمل السورية للتجارة نيكاراغوا تدين العدوان الإسرائيلي على مدينة تدمر السورية جامعة دمشق في النسخة الأولى لتصنيف العلوم المتعدد صباغ يلتقي قاليباف في طهران انخفاض المستوى المعيشي لغالبية الأسر أدى إلى مزيد من الاستقالات التحكيم في فض النزاعات الجمركية وشروط خاصة للنظر في القضايا المعروضة جمعية مكاتب السياحة: القرارات المفاجئة تعوق عمل المؤسسات السياحية الأمم المتحدة تجدد رفضها فرض”إسرائيل” قوانينها وإدارتها على الجولان السوري المحتل انطلقت اليوم في ريف دمشق.. 5 لجان تدرس مراسيم و قوانين التجارة الداخلية وتقدم نتائجها خلال شهر مجلس الشعب يقر ثلاثة مشروعات قوانين تتعلق بالتربية والتعليم والقضاء المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات لقوات العدو في عدة مواقع ومستوطنات “اللغة العربيّة وأثرها في تعزيز الهويّة الوطنيّة الجامعة”.. ندوة في كلية التربية الرابعة بالقنيطرة