في عيادة الطبيب وتحديداً غرفة الانتظار اغرورقت عينا الرجل السبعيني بالدمع، والممرضة تقول له:٥٠ ألف المعاينة.
بحث الرجل في جيوب سترته فلم يجد إلا ما يزيد قليلاً عن المبلغ المطلوب، وهو قادم من محافظة جنوبية ..
قال للمرضة: ألم تكن المعاينة٢٠ ألفاً؟.
ردت: نعم كانت ولكن كل شيء ارتفع وغدا قد تكون مئة، وهناك أطباء يتقاضون أكثر من ١٠٠ ألف ليرة.
المشهد الصادم في الارتفاع الجنوني يطالعك كل ساعة وفي كل مكان ما تشتريه صباحاً بسعر لن تجده بالسعر نفسه مساءً، والحجج جاهزة تقدمه قرارات تصدرها الحكومة وتظن أن تجارنا على خلق عظيم.. قد يرتفع سعر الصرف أو الوقود بمبلغ محدد ولكن التجار يضاعفون الأمر مرات ومرات وندفع نحن الثمن.
الغريب في الأمر أن اللعبة مستمرة بصمت من دون أن يفكر أحد بما تحمله وتتركه على أرض الواقع من آثار اجتماعية كارثية أولها انتشار ظاهرة السرقة لكل شيء حتى عدادات الماء والكهرباء وفي وضح النهار..
غير ظاهرة النبش في القمامة وانظر إلى حافلات النقل الداخلي وهي تغص بالمئات كأنهم (مكدوس).
وبالمناسبة هل فكرت الجهات المعنية بحال من يريد أن يسافر من محافظة إلى محافظة ليس بسيارته إن كان يملك بل في وسائل النقل العامة.
كل ساعة تبدو أفضل من تلك التي ستأتي بعدها استطابت الحكومة قرارات الرفع الفوري للأسعار كحل جاهز من دون أن تعمل على معالجة الأسباب أو في الحد الأدنى ضبط إيقاع جشع من يستغل ذلك.
وما يسمى التكافل الاجتماعي صار عملة نادرة إلا من عصم ربك..وهنا لابد من توجيه التحية لكل من يقدم ولو عوناً صغيراً مهما كان والحديث يجري عن بعض ذوي الأيادي البيضاء الذين يمرون إلى الصيادلة وبعض المتاجر ويسددون فواتير البعض من دون أن يعرفهم أحد..صحيح إنه ليس الحل ولا العلاج ولكنه بادرة يجب أن يتم العمل على تطويرها علينا أن نبحث في أساليب تكافل اجتماعي واسعة الطيف وحان لطبقة الأثرياء التي تزداد ثراء أن تقدم شيئاً أو على الأقل لتكف عن ابتلاعنا دون رفة جفن ..ارحمونا قليلاً…لقد أرهقنا جشعكم وأدمتنا حيتانكم.