الثورة – دمشق – رفاه الدروبي:
ألقت وزيرة الثقافة الدكتورة لبانة مشوح محاضرةً حول “الدبلوماسيَّة الثقافيَّة” في المعهد الدبلوماسي في وزارة الخارجيَّة والمغتربين بحضور شخصيَّات دبلوماسيَّة سوريَّة وعربيَّة وقادة رأي.
وزيرة الثقافة أشارت إلى أنَّ الدبلوماسيَّة الثقافيَّة مصطلحٌ ظهر في أعمال الباحث الأمريكي جوزيف ناي يُعبِّر عن ضرورة أن يكون للدولة جانبٌ من القوَّة القاسية؛ وأخرى ناعمة تنحو منحى ثقافياً، ولها تأثير بنفس أهميّة القوَّة القاسية، وتُعطي زخماً لسياسات الدولة وقوَّةَ نفاذٍ وقدرة أكبر على التأثير والإقناع، كما تُعبِّر عن تطور العمل الدبلوماسي للدولة: فكراً ومنهجاً، وضرورة التطوّر الذهني بما يُتيح للأفراد الخروج من إطار عمل رسمي، واستخدام التقانة لبثِّ الروح فيه، مُتناولةً المسلَّمات الدبلوماسيَّة بأنَّها وسيلة لاكتشاف الذات وأداة حوار، وصولاً إلى مستقبلٍ أكثر أمناً وسلاماً.
الدكتورة مشوّح أشارت في تصريح “للإعلاميين” إلى أنَّ الحرب على سورية كانت ثقافيَّةً، ومحاولةً لتدمير الفكر والإنسان وتشويه الهويَّة والفكر الوطني السوري في الخارج، لافتةً بأنَّ الدبلوماسيَّة الثقافيَّة يُفترض أن تكون قوة ناعمة لكنَّها قوة إقناع.
وأكَّدت على ضرورة إعادة البوصلة إلى الخارج، وأن تظهر سورية على حقيقتها دولة حضارة وعراقة وتآخٍ وانسجام مجتمعي مع الآخر، بل دولة تعايش مع حضارات كبيرة وصل عددها إلى ٤٠ حضارة، مُوضِّحةً أنَّ سورية ممرَّاً لطريق البخور والتجارة الدولية العالمية، وأعطت أكبر وأجمل مثال على التثاقف بين شعوب العالم، واحترام الذات والآخر، وعدم الرغبة في فرض أيِّ شيءٍ على الشعوب الأخرى؛ وإنما التفاهم والتحالف معها والاستفادة والإفادة منها.
كما أوضحت أنَّ الوجه الحضاري لتصحيح الدبلوماسية وإقناع الآخر سواء أكان سورياً أم أجنبياً في دولة صديقة أم غير صديقة لتصحيح فكرة مشوَّهة أرادوا أن يعطوها لها؛ وبأنها دولة حرب وانقسام وعنف؛ بل حرب فرضت عليها ولابدَّ من العودة إلى تراثها المادي واللا مادي حتى نُبيِّن للآخر حقيقتها.
بدوره مدير عام الآثار والمتاحف في سورية محمد نظير عوض بيَّن أنَّ سورية صدَّرت لكلِّ دول العالم الابتكارات المتعلِّقة بالحياة اليوميَّة من زراعة وعمران وصناعة ولغة وفن عبر الحدود إلى المجتمعات وحضارات أخرى، مشيراً إلى مساهمتها في تطويرها وتعريف الكثير من الحرف والأدوات اليوميَّة اللازمة للحياة ومناحيها: الصناعة والزراعة والتجارة، لافتاً إلى أهمية تسليح الدبلوماسيين بثقافة واسعة، كما دعا إلى أن نتحدَّث عن حضارتنا بلغة وبطريقة صحيحتين والوصول إلى إقناع الآخر بأنَّ لدينا لغة سلام وشعباً مُصدِّراً لها، مُنوِّهاً بأهمية خلفيَّة الدبلوماسيَّة الثقافيَّة والاستفادة من المساحات الممكن ملؤها في عوالم خارج سورية، وبيَّن بأنَّ كنيس جوبر ومصير آثاره لم يعرف لعدم تصريح القائمين على دور العبادة عن محتوياتها الموجودة فيها، ولا يمكن معرفة ما بداخله من آثار وبعضها وُجدت في أمريكا.
مدير المعهد الدبلوماسي في وزارة الخارجية والمغتربين عماد مصطفى أشار بأنَّ الاستفادة من تاريخ سورية محور اهتمام وزارة الخارجية والمغتربين فلديها البعثات الدبلوماسية قبل العالم، ولا بدَّ من ربطها ارتباطاً وثيقاً بالاستراتيجية والرؤية الثقافية السورية، مشيراً إلى التراث الحضاري العظيم والعريق والإسهامات الثقافيَّة المعاصرة التي لا تزال تفتخر سورية بغناها وتنوّع ساحتها الثقافية وغزارة المستوى الإبداعي وارتفاع جودته.
ثمَّ بيَّن بأنَّ الدبلوماسية الثقافية أحد أهم وأبرز أوجه القوة الناعمة، ويمكن أن تفتح لسياسة الخارجية السورية والدبلوماسية الكثير من الأبواب المغلقة والنوافذ غير المفتوحة كي نتواصل مع شعوب وثقافات أخرى عبر العالم ونبرز الوجه الحضاري والتراث الإنساني العالمي السوري.