الثورة – دمشق – غصون سليمان:
“الرواتب والأجور المنخفضة ضمن سياسة التوظيف الاجتماعي وفي إطار إعادة تعريف دور الدولة”، عنوان ورشة العمل التي أقامها الاتحاد العام لنقابات العمال والمرصد العمالي للدراسات والأبحاث، في مبنى الاتحاد بحضور جميع أطراف الطيف السوري.
محاور ورشة العمل التي غلب عليها طابع التساؤل والاستنتاج والغيرية على إيجاد الأفضل، ركزت في تفاصيلها على المالية العامة وسياسة الأجور والرواتب، وقوانين وتشريعات العمل واستراتيجية التشغيل في سورية، وإلقاء الضوء على شبكة ومنظومة الحماية الاجتماعية في إطار سياسات التوظيف الاجتماعي، وشرح واقع وتحديات إدارة الموارد البشرية، والسياسات الكلية وأثرها على هيكل التشغيل والرواتب والأجور، إلى جانب التركيب القطاعي والهيكلي للقوى العاملة في سورية من الناحية الإنتاجية والإدارية والخدمية.
قدم الحضور من خبراء وباحثين وأساتذة جامعة وأعضاء مجلس شعب وحقوقين ومختصين من جميع المستويات العامة والخاصة أكثر من سبع عشرة مداخلة قابلوا فيها حاجة المجتمع السوري لإيجاد الحلول المناسبة بعيدا عن التجارب والحلول المجتزأة .
بدأت الورشة التي اشرف على إدارتها الدكتور جمعة حجازي مدير المرصد العمالي للدراسات والأبحاث بعرض ورقة عمل مقدمة من هيئة تخطيط الدولة حول التشغيل وواقع الأجور والتصورات المستقبلية ومكانة التشغيل في الخطط التنموية ونسبته من الناتج المحلي ومفرزات الحرب وتداعياتها على مسيرة التنمية والاقتصاد الوطني والرؤيا المستقبلية والبرنامج التنموي لسورية ما بعد الحرب.
رئيس الاتحاد العام جمال القادري أوضح أن الهدف من إقامة الأنشطة الحوارية والشفافة هو الوصول إلى رؤى ونتائج واقعية بعيداً عن التجريب حول جميع القضايا والمواضيع التي تسهم في دعم مسيرة التعافي التي بدأت في بلدنا وتحسن الأوضاع المعيشية، وخاصة لأبناء الطبقة العاملة، لافتاً إلى أن الحرب الإرهابية التي شنت على سورية تركت آثاراً سلبية لم تنحصر بالآثار المادية على الأرض وإنما أثرت في الذهنية و أعاقت مسيرة التنمية بمختلف مجالاتها الاقتصادية والاجتماعية والصناعية والإدارية وغيرها.
وأشار إلى أهمية مساهمة الجميع في دعم مسيرة التنمية لما بعد الحرب سواء كجهات عامة أو فعاليات خاصة أو أفراد ومتخصصين في ظل واقع صعب وإمكانات متناقصة، لافتاً إلى ضرورة إطلاق إستراتيجية وطنية للتوظيف ووضع سياسات واقعية قابلة للتنفيذ والتطبيق بما يتوافق مع الأهداف المعلنة والخيارات المتاحة ووفق الإمكانات المتوافرة بعيدا عن التنظير، إضافة إلى وضع استراتيجية وطنية شاملة تحدد ضوابط التشغيل في القطاعات كافة.
وأكد القادري أن هناك نقصاً كبيراً في الكوادر والعمالة في معظم القطاعات الإنتاجية والخدمية وعلينا الحفاظ على الكوادر الكفوءة عبر سياسة أجور عادلة للجميع مع تقديم ميزات للعاملين في قطاعات محددة، مشدداً على أن عمالنا يعملون انطلاقاً من وطنيتهم وسجلوا في المراحل الصعبة صوراً مشرقة في الدفاع عن معاملهم ومنشآتهم وضمان استمرار العمل والإنتاج.
وأشارت وزير التنمية الإدارية سلام السفاف إلى أهمية إقرار قانون الخدمة العامة والذي سيتضمن إجراء تقييم موضوعي لأداء العاملين وربط سلالم الأجور بالمراتب الوظيفية، مؤكدة أن سياسة إدارة الموارد البشرية مبنية على تحقيق الأمان الوظيفي للعامل و والأجر العادل بما يوازي التكوين الجهدي والمعرفي له، موضحةً أن الدولة لن تتخلى عن مسؤوليتها الاجتماعية وما يحدث حالياً هو إعادة هيكلة لبعض القطاعات ومن المبكر الحكم المسبق عليها.
وحول قانون العاملين ذكرت بأن الدراسات الأولية انتهت وجرى مراسلة الوزارات، واصفة أوراق العمل المقدمة من الجهات العامة ومن اتحاد نقابات العمال قيمة جداً جداً ما يؤسس لانطلاقة سليمة وايجابية تنعكس بشكل صحيح على الجميع.
من جانبه وزير الشؤون الاجتماعية والعمل لؤي المنجد تحدث في شقين كمحاور من خلال توجيه عدة تساؤلات حول مفهوم اقتصاد السوق الاجتماعي فهو برأيه كمصطلح ضرورة لا غنى عنه في بلدنا بعدما أقرته جميع المجالس ومؤسسات الدولة، ولم يطرح بديلاً قانونياً عنه.
وأضاف إن الوزارة تقوم بإعداد مشروع يتعلق بإعادة رسم سياسة الدولة في مجال المسؤولية الاجتماعية، مؤكداً أن الحرب أثرت على إعداد بيانات دقيقة حول سوق العمل وسيتم إطلاق منصة سوق العمل في الشهر الرابع وسوف يتم تحديثها عبر ربط البيانات والخدمات التي تقدمها الوزارة حول سوق العمل الكترونيا، وأضاف إننا أمام فرصة تاريخية لإعداد منظومة تشريعية متكاملة تنظم العلاقة بين الحكومة وأصحاب العمل في القطاع الخاص والعمال.
كما تم عرض لموضوع الأجور وفق قرارات منظمة العمل الدولية ومنها التوصية رقم 35 للعام 1970 التي تضمنت تحديد الحد الأدنى للرواتب والأجور وربطته باحتياجات العمال وأسرهم وتكاليف المعيشية وتغيراتها، كما تم الإضاءة على تعريف منظمة العمل العربية للأجر العادل الذي يكفي للعامل وأسرته واحتياجاته الأساسية.
وأكد المشاركون في الورشة أهمية إحداث هيئة عامة أو مجلس متخصص لمراجعة الحد الأدنى للرواتب والأجور بشكل دوري وبما يتناسب والاحتياجات الأساسية للمعيشة، بالإضافة إلى تبني سياسة عادلة للرواتب تسهم في الحفاظ على الكفاءات الوطنية وتطوير آلية عمل صندوق المعونة الاجتماعية ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، كما أشار البعض إلى الإسراع بدعم متممات الرواتب الحالية في القطاع العام كإلغاء ضريبة الدخل ورفع قيمة الحوافز والتعويضات الأخرى كما تطرق المشاركون إلى ضرورة تصويب دور الدولة الأبوي والذي أصبح يشكل عبئاً كبير على المالية العامة ويؤدي إلى هدر الإمكانات والموارد ويترك تداعيات سلبية في توزيع عادل للأجور مؤكدين على المضي قدماً في عملية الإصلاح الحقيقي والهادف رغم المعوقات والتحديات المختلفة.
وتحدث عدد من المختصين عن ضرورة وضع أسس وضوابط لعملية التوظيف، وإقرار الأنظمة الداخلية والهياكل الإدارية للجهات العامة، ودعم القطاع العام وبناء سياسة أجور على أساس أرقام التضخم وأسعار السلع والخدمات الأساسية، واتباع سياسة ربط العمل بالتعليم وفق احتياجات القطاعين العام والخاص، وإعداد دراسات موثقة حول سوق العمل تشمل الاحتياجات الدقيقة ونسبة البطالة.
كما تحدث البعض عن ضرورة إنشاء نظام وطني للأجور يتغير وفق أرقام التضخم والاحتياجات الأساسية، إضافة لوضع بيئة تشريعية وتنظيمية واضحة لقطاع التشغيل وإدارة السوق المحلية بما يسهم في كبح التضخم واستقرار الأسعار والأجور أيضاً.