في العطلة الانتصافية.. الألعاب الإلكترونية تسحب البساط من التقليدية .. مرشدة نفسية لـ «الثورة»: تدس السم في العسل
الثورة _ علا مفيد محمد:
عندما كنا صغاراً كنا ننتظر بلهفةٍ قدوم العطلة الانتصافية كي نقضيها بممارسة ألعابنا التي كانت تتميز ببساطتها وعفويتها ومع اختلافها من منطقةٍ لأخرى، إلا أن ما يجمعها هو لعبها في الهواء الطلق النقي، فقد كان الشارع ذلك الفضاء الرحب والواسع مكاناً لممارسة هذه الألعاب مثل “الغميضة، كرة القدم، الريشة، شد الحبل، السبع حجرات، الخطة”.
وكانت هذه الألعاب على بساطتها وسذاجتها مفعمة بالحيوية والطاقة الإيجابية وباعثة للنشاط والتفاعل وعقد الصداقات.
أما الآن بعد أن انتشرت الألعاب الإلكترونية على الهواتف الذكية أو الكمبيوتر نجد أنها قد سحبت البساط من تحت الألعاب الشعبية أو التقليدية التي تشارف على التحول إلى موضة قديمة عفا عليها الزمن.
(أشعر بالفراغ والحزن والقلق عند فصل الإنترنت عن المنزل) هكذا بدأ الطفل علي ذا الـ١٣ عاماً كلامه، إذ يجد في الألعاب الإلكترونية ملاذه وسعادته فهو يقضي معظم وقته أمام الشاشة بدون كلل أو ملل.
وأضاف: إن الإجازة أو العطلة الانتصافية تزيد من تعلقه بالألعاب الإلكترونية كونها متنفسه الوحيد، وعند استفسارنا منه عن باقي الأنشطة، إن كان يمارسها؟ اعترف أنه مغيّب عن الكثير منها، حتى عن التواصل مع أسرته إلا أنه لا يأبه لذلك فهو لا يشعر بالمتعة إلا بعالمه الخاص.
أم كنان يقلقها حال طفليها اللذين يرفضان الابتعاد عن الألعاب الإلكترونية حتى لو لدقائق قليلة وتتملكها حيرة كبيرة بسبب التعلق بهذه الألعاب وشكَت عدم معرفتها بكيفية التصرف معهما، مبينةً أنها تخاف عليهما كثيراً من النزول إلى الشارع واللعب مع أولاد الجيران ومن جهة أخرى تشعر بالتقصير وتلوم نفسها لانشغالها وقتاً طويلاً في العمل.
في هذا الصدد بينت المرشدة النفسية والتربوية لينا حازم لـ “الثورة” أن الجانب الترفيهي للألعاب الإلكترونية يجذب الأطفال ويشعرهم بأجواء من المتعة فنراهم يحدقون فيها بإمعان ممزوج بنظرات الإعجاب والانبهار، ويتسمرون أمام الشاشة لساعات، هذه المشاهد تتكرر تقريباً في أغلب المنازل ولدى كل العائلات سواء المتحدرة من طبقات اجتماعية ميسورة أو متوسطة أو حتى محدودة الدخل.
وأشارت إلى أن الإقبال الشديد على الألعاب الإلكترونية عند الأطفال ليس ظاهرة جديدة أو وليدة اللحظة، بل هي عادة ترسخت منذ سنوات وتحولت إلى هوس يصل إلى حد الإدمان عليها لدى بعض الصغار.
المخاطر
كل ذلك أفقدهم الاستمتاع بالحياة الطبيعية فقد أصبح الطفل يفضل الانتقال من الواقع إلى عالم افتراضي وأصدقاء غير حقيقيين ما يجعله مستسلماً لعزلته.
عدا أنها تسبب إصابتهم بمشاكل صحية ظرفية أو دائمة مثل الإصابة بالسمنة أو إجهاد العين والكسل والنفور من ممارسة التمارين الرياضية، كما أن هذه الألعاب تلهي الصغار عن الدراسة و تجعلهم يعزفون عن التحصيل العلمي.
ولفتت حازم إلى أن أهم المخاطر السلبية للألعاب الإلكترونية هي أنها تدس السم في العسل فالألعاب غريبة عن قيم المجتمع و ثقافته و ثبت أن نسبة جرائم القتل والسرقة قد ارتفعت بشكل ملحوظ والسبب في ذلك ألعاب العنف الموجودة في متناول الأطفال.
حلول وبدائل
وأكدت أن مسؤولية الأهل تكمن في تقنين أوقات اللعب الإلكتروني، وليس حرمان الطفل بالمطلق، وذلك بإيجاد بدائل أخرى أكثر أماناً لملء فراغه كتوجيهه نحو التمارين الرياضية لتُخرج الطاقة الكامنة في داخله وتشجيعه على قراءة قصص الأطفال ولتكن قصصاً مسلية تشدّه وتجعله يطلبها أكثر، بالإضافة إلى الحرص على قضاء أطول وقت ممكن مع الطفل والحديث معه والاستماع إليه.
وأخيراً.. القرب واللطف في التعامل مع الطفل هو السبيل الوحيد للتخلص من هذا النوع من التعلق.