الثورة – مريم إبراهيم:
الحكاية سورية بامتياز وأبطال الحكاية سوريون أيضاً، بل فوارس وذوو إرادة وتحديات، وصلوا لمراحل علمية متقدمة هاجروا في ظروف وسنوات الحرب ليستمروا بالتميز والعطاء حتى في الخارج، واليوم وبعد التحرير آن الأوان ليردوا الجميل والعرفان لسوريا، وقرروا ألا يتركوا باباً واحداً للحياة إلا ويطرقوه، ليكون مجالاً لرد جزءاً من هذا الجميل.
رد الجميل
11 طبيباً سورياً من مؤسسة حمد الطبية القطرية ومن أميركا ودول أخرى مؤسسي مبادرة طبية في طب الطوارئ مع عشرين عضواً من مؤسسين آخرين أعضاء في المبادرة تحت عنوان: “مبادرة طب الطوارئ السورية (SEMI)”، قدموا خبراتهم ومعارفهم للأطباء في المستشفيات السورية وطلاب الطب للدراسات العليا، وعبر المبادرة أطلقوا رسالة أمل وحياة ومعارف حديثة في التعامل مع طب الطوارئ بمختلف جوانب وتفاصيل هذا الطب الذي بات من أهم التخصصات الطبية نظراً للحاجة الماسة إليه بعد سنوات الحرب الأليمة.
رئيس المبادرة الدكتور هاشم دعدوش بين في لقاء لـ”الثورة” أن المبادرة جاءت من رغبة الأطباء السوريين في مؤسسة حمد القطرية ومن دول أخرى لمد يد العون لسوريا من أبنائها في الخارج عبر بناء منظومة قوية في طب الطوارئ تحفظ الحق في الحياة الآمنة، وتقديم يد العون والخبرات لإعادة بناء الوطن، وإطلاق رسالة طبية سامية فحياة السوريين تستحق أن تصان والحياة الصحية ليست ترفاً بل حق أساسي، مع العمل لدعوة الجهات المعنية الرسمية والأكاديمية والمنظمات الطبية لمد العون ودعم هذه المبادرة لنبني معاً مستقبلاً أكثر أماناً وسلاماً، وتثبت للعالم أن السوريين قادرين على النهوض وحماية بعضهم رغم الصعوبات ويستحقون العيش بأمان وكرامة، وجزء رئيسي من المبادرة تجسد في المؤتمر التخصصي الذي أقيم وناقش العديد من محاور طب الطوارئ وتخصصاته، بتعاون مع وزارات وجهات عدة كالصحة، والتعليم العالي، ونقابة الأطباء، والشؤون الاجتماعية، والرابطة السورية لأطباء الطوارئ والعناية المشددة، وغيرها من الجهات الأخرى.
وأشار د. دعدوش إلى أنه على مدى ثلاثة أيام أقيمت المحاضرات العلمية والطبية التخصصية في هذا المجال، وطرحت الأفكار والمعرفة العلمية حول كيفية التعامل مع المرضى وإنقاذ الأرواح وحياة الأشخاص في أصعب وأدق اللحظات قدر الإمكان، وسيكون هناك في المستقبل العديد من المتابعات من قبل أعضاء المبادرة والأطباء، ومواصلة إقامة ورشات العمل والمؤتمرات الطبية، وكذلك اتباع أسلوب التعليم الافتراضي وإعطاء المعارف عن بعد.
ولفت إلى أن ذلك سيساهم في استمرار العطاء وتحقيق الهدف الأسمى من هذه المبادرة التي تسعى لتقديم كل الخير والخبرة العلمية الطبية للسوريين تقديراً من الأطباء السوريين في الخارج وعرفاناً للبلد، والمساهمة في تطوير هذا التخصص، وهذا أقل ما يمكن تقديمه لسوريا التي تبنى بجهود مشتركة بين الجميع في الداخل والخارج، وهي بأمس الحاجة لهذا البناء وإعادة الإعمار في الظروف الراهنة وفترة ما بعد الحرب.
تطوير الاختصاص
استشاري طب طوارئ الدكتور زياد الحريري- وعضو المبادرة، أوضح أهمية المبادرة والتي تهدف لمساعدة الأطباء المقيمين في المستشفيات في سوريا ورفع مستواهم التعليمي، وهي عبارة عن مجموعة أطباء سوريين في قطر وأميركا وبريطانيا، وتم التواصل مع الاختصاصيين ورؤساء الأقسام لطب الطوارئ في سوريا، وفي البداية كانت المبادرة تعليم عن بعد بهدف العناية بالمرضى وتقديم خدمة أفضل لهم.
وقال: ثم جاءت فكرة عقد مؤتمر في طب الطوارئ بجامعة دمشق، وطرحت فيه بمشاركة أطباء من سوريا ومصر والسودان وماليزيا، محاور وورشات العمل حول طب الطوارئ والرضوض والانعاش والعناية الحرجة وطب طوارئ الأطفال وطب السموم، بهدف تقديم المساعدة للأطباء والخبرات المعرفية والجديد في كيفية تقديم الخدمة الطبية المناسبة للمرضى ولهذا التخصص، مؤكداً أهمية متابعة آخر التحديثات والإرشادات الدولية لتقديم رعاية طبية فعّالة وإنقاذ حياة المرضى.
الطبيب السوري بلال بارودي، اختصاصي طوارئ في مؤسسة حمد الطبية القطرية، وعضو مؤسس في المبادرة، بين أنه أشرف على ورشة “الألتراساوند في أقسام الطوارئ” ضمن المؤتمر، مبيناً أنها الأولى من نوعها في سوريا، وركزت على أهمية التدريب العملي على الأجهزة بشكل عملي، ويشمل الإيكو القلبي والبطني، وكيفية استخدامه لإنقاذ حياة المرضى، وهناك المزيد من الورشات التدريبية لتعزيز مهارات أطباء الطوارئ في سوريا، وتطوير قدراتهم على التعامل مع الحالات الحرجة.
مهارات أساسية
الطبيب السوري همام حامدة، اختصاصي طوارئ في المؤسسة، أوضح أنه قدم خلال ورشة عمل كيفية إدخال مبدأ التركين الآمن في الحالات التي يعاني فيها المريض من ألم شديد، مثل الكسور المفتوحة أو الخلوع أو أثناء الإجراءات المؤلمة كالصدمات الكهربائية، بهدف تخفيف الألم وتهدئة المريض، حيث إن هذه المهارة تعد من المهارات الأساسية في طب الطوارئ، وأن المبادرة الخاصة بها حظيت باستحسان المشاركين سواء من أطباء مقيمين في المستشفيات ودراسات عليا وأطباء عاديين.
اختصاصي الجراحة العامة والمناظير من مؤسسة حمد القطرية الدكتور أحمد عجاج، أشار إلى أنه قدم محاضرة ركزت على مقاربة الإصابات الرضية بسياسة التحكم بالضرر، المطبقة عالمياً منذ ثلاثة عقود، والتي تمثل أحدث بروتوكول لتحسين الحالات، إلا انها غير مطبقة بشكل كافٍ في سوريا.
وأشار إلى أن الدراسات أثبتت فعاليتها في خفض معدل الوفيات والمضاعفات التي تتسبب بها الإصابات الرضية، إذ يرتبط بها نحو 30 بالمئة من أسباب الوفيات بعد العمليات، مع أهمية تبني هذه البروتوكولات، وإنشاء نظام وطني ومراكز متخصصة لمعالجة الإصابات الرضية وتقليل آثارها، لافتاً إلى رغبة أطباء المبادرة في تقديم كل جديد وكل الخبرات التي تعطي أطباء سوريا في مختلف المشافي الخبرة والتمكين من التعامل المناسب مع مرضى حالات الطوارئ وتطوير واقع هذا التخصص الطبي للوصول لأفضل أشكاله ونتائجه.
خبرة إضافية
الطبيبة سارة زحيلي، أكدت أهمية المشاركة في المؤتمر كونه أول مؤتمر يعنى بتخصص مهم كطب الطوارئ، بالإضافة لاكتساب خبرات من الأطباء المشاركين من الخارج في مجالات طب الطوارئ، حيث قدموا العديد من المعارف للأطباء في المشافي في كيفية التعامل مع المرضى وتقديم الإسعافات الأولية لإنقاذ الأرواح، فالحاجة كبيرة جداً لاكتساب المزيد من الخبرة الطبية والطرق الحديثة في هذا المجال، وأطباء الداخل يتطلعون لاكتساب خبرات ومعارف أعمق من أطباء الخارج تساعدهم في عملهم في هذا التخصص الذي يفرض وجوده يوماً بعد آخر، ولاسيما أوقات الحوادث والكوارث وغيرها، وفي الظروف الصعبة التي يحتاج فيها المريض إلى تدخل إسعافي لإنقاذ حياته في اللحظات الدقيقة.
نحو أخرى
بالعموم يسجل لهذه المبادرة حضورها الفاعل وللأطباء القائمين عليها كل التقدير، كونها مبادرة إنسانية وطبية من خبرات خارجية في معارف دقيقة، ولما قدم من معلومات سيسهم في تطوير اختصاص طب الطوارئ في سوريا، وتحسين الرعاية المقدمة للمرضى في المستشفيات العامة، وخصوصاً في أقسام الإسعاف والعناية الإسعافية لتطوير طب الطوارئ والكوارث كتخصص طبي يهتم بتقديم الرعاية الصحية السريعة للحالات الطارئة والتعامل مع الأزمات الكبيرة.
ويشمل الاستجابة للحوادث الجماعية كالحرائق والزلازل والفيضانات، بالإضافة إلى الأمراض الوبائية، بهدف إنقاذ الأرواح وتقليل الأضرار عبر التقييم السريع، والإسعافات الأولية المتقدمة، وإدارة الموارد، والتنسيق مع الجهات المختلفة بهذا الشأن، فكل ما يخص تفاصيل عمل هذا التخصص له دور في الوصول لحماية الأرواح، خاصة السرعة والاستجابة لتلبية نداء الحاجة، على أمل أن تكون هناك مبادرات أخرى على نحو هذه المبادرة سواء كانت طبية أو في مجالات مختلفة، فالحاجة لهذه المبادرات ضمن تعاون وتشاركية خبرات الخارج مع الداخل وتطوير هذه الخبرات نحو المزيد من العمل في مرحلة البناء وإعادة الإعمار.