الثورة _ فردوس دياب:
أم لثلاثة أطباء وزوجة لأستاذ جامعي بدأت حياتها الأسرية بكل إخلاص.. الزوجة والأمومة، فكان جل وقتها لتربية وتعليم أطفالها ووضعهم على سكة النجاح والتفوق على الرغم من ظروف الحرب الصعبة التي زادت من أعباء وتحديات الحياة، لكنها في المقابل أيضاً زادت من عزيمتها وإصرارها على بلوغ طموحاتها وأحلامها التي لم تخبو جذوتها ولم تنطفئ شعلتها لحظة واحدة، وهي إكمال دراستها الجامعية والعليا ونيل درجة الدكتوراه.
إنها الدكتورة مها فطيمة التي أبت أن تودع العام ٢٠٢٣ إلا وقد حققت حلمها بالحصول على شهادة الدكتوراه، لترسم بسمة جديدة وتؤكد قوة وعزيمة وقدرة وإرادة المرأة السورية على مواجهة كل التحديات مهما كانت صعبة ومستحيلة في نظر البعض.
لقد أجبرتنا ظروف الحرب الإرهابية الظالمة على سورية كما كل الشعب السوري، تقول الدكتورة فطيمة لـ”الثورة”، على إعادة ترتيب أولوياتنا كأسرة، لكن حلم إكمال دراستي الجامعية ظل يراودني في قرارة نفسي.
وتتابع فطيمة حديثها بالقول: لقد بدأت دراستي في معهد إعداد المعلمين الأول في حلب وتخرجت منه حاملة شهادة أهلية التعليم الإبتدائي عام ١٩٩٦، ثم أكملت مسيرة حياتي التعليمية في مدارس محافظة اللاذقية، ولكن بقي حلم العودة إلى الجامعة والحصول على شهادة عليا يراودني طوال الوقت، وكانت أسرتي حينذاك مؤلفة من ثلاثة أولاد، الكبير فيهم كان في الصف الثالث الإعدادي والثاني في الصف الثاني الإعدادي والصغير كان في الصف الرابع الابتدائي، وهنا كان التحدي الصعب حيث قمت بالتسجيل في كلية التربية اختصاص(رياض أطفال)، وأصبحت أدرس أولادي وأدرس معهم، وبتشجيع منهم ومن زوجي استطعت بالإرادة والطموح والتوفيق من الله النجاح والتفوق في الجامعة وبمعدل ٨٢،٨٩ %.
وتضيف الدكتورة فطيمة: تفوقي في الجامعة كان يقابله تفوق لأبنائي في مدارسهم، حيث حصلوا على علامات عالية جداً أهلتهم الثلاثة لدخول كلية الطب البشري، فالأول في السنة السادسة، والثاني في السنة الخامسة، والثالث في السنة التحضيرية.
ثم تكمل حديثها: تقدمت إلى مفاضلة الدراسات العليا، وقبلت باختصاص رياض أطفال في جامعة دمشق، وهنا بدأت مرحلة جديدة من التحدي تمثلت بالسفر أسبوعياً من اللاذقية إلى دمشق لمتابعة المحاضرات والبحث عن مراجع، لكن وبدعم وتشجيع زوجي وأولادي تغلبت على كل تلك التحديات التي كانت ظروف الحرب على الإرهاب تزيد من صعوبتها واستطعت الحصول على درجة الماجستير بامتياز، وهو ما شجعني أكثر للحصول على شهادة الدكتوراه التي حصلت عليها مع نهاية العام الماضي وبدرجة امتياز، هذه الشهادة أهديها إلى قائدنا ووطننا وأسرتي وأخي الشهيد العقيد محمد جميل فطيمه بطل مستشفى الكندي.
في النهاية نختم: إن قصة الدكتورة مها فطيمة تشبه قصص الكثير من النسوة السوريات اللاتي لم تثنهن ظروف الحرب القاسية والصعبة عن مواصلة كفاحهن ليس من أجل البقاء فحسب، بل من أجل اجتراح الأمل من قلب الألم، فالطموح والإرادة يصنعان ما يمكن أن يعتبره البعض مستحيلاً.