سوريا الجديدة ترسم مستقبل الوظيفة العامة بمشاركة الجميع 

الثورة- هنادة سمير: 

في مسارها الجديد نحو تعزيز الإصلاح الإداري في سوريا، أطلقت وزارة التنمية الإدارية اليوم استطلاع رأي وطني حول مشروع قانون الخدمة المدنية الجديد، وذلك عبر قناتها الرسمية على تطبيق تلغرام ، لتعكس هذه المبادرة رؤية الوزارة في بناء علاقة شراكة حقيقية بين الدولة والمواطن، إذ لم يعد الموظف متلقياً للقرارات فحسب إنما شريكاً فاعلاً في رسم مستقبل الوظيفة العامة.

وبالترافق مع نشر مشروع القانون على قناة التليغرام الخاصة بالوزارة، أكد وزير التنمية الادارية محمد حسان السكاف في تصريح له على القناة، أن القانون الجديد يمثل نقطة تحوّل في إدارة الدولة لمواردها البشرية، مشيراً إلى أن قانون الخدمة المدنية يمثل مساراً مهنياً قائماً على الشفافية وتكافؤ الفرص والمساءلة، وينطلق من اعتبار رأس المال البشري محركاً أساسياً للتنمية، والمورد الأعلى قيمة في الدولة.

وأضاف: جاء هذا القانون استجابة لاختلالات متجذرة في البنية الإدارية، بانطلاقه من فلسفة تشمل تنظيم الدخول إلى الوظيفة العامة، واعتماد مراتب وظيفية كإطار عادل ومرن، وتفعيل نظام تقييم أداء موضوعي وبرامج تدريب وتطوير مستمر، إضافة إلى توفير آليات واضحة للخروج المنظم من الخدمة.

ولفت إلى أنه من هنا، يتكامل القانون ليحدث أثراً لا يقتصر على الموظفين، بل يمتد ليشمل المواطن الذي سيجد أمامه خدمات عامة أكثر جودة وسرعة، وجهات حكومية أكثر استجابة وقدرة على الإنجاز. إنه عقد جديد يُعيد تنظيم العلاقة بين الدولة وموظفيها، ليمهد لبناء جهاز حكومي حديث يلبي تطلعات الحاضر ويرسم ملامح المستقبل.

رؤية جديدة

يهدف المشروع إلى تحديث الإطار التشريعي للوظيفة العامة، بما يضمن الكفاءة والشفافية والمساءلة. ويعكس التزام الدولة بتحويل الوظيفة العامة إلى مسار مهني متكامل، مع التركيز على تطوير رأس المال البشري كعنصر أساسي في تحقيق التنمية المستدامة.

ومن أبرز محاور القانون كما جاء في صياغته الاخيرة: تنظيم الدخول إلى الوظيفة العامة من خلال وضع آليات عادلة وموضوعية للتعيين، تعتمد على الكفاءة والجدارة، مع التأكيد على مبدأ تكافؤ الفرص لكل المواطنين.

واعتماد مراتب وظيفية مرنة عن طريق إنشاء هيكل وظيفي يسمح بالترقية وفق معايير الأداء والإنجاز، بعيداً عن المحسوبية أو التفرقة وتفعيل نظام تقييم أداء موضوعي من خلال وضع نظام دوري لتقييم الأداء، لضمان العدالة وتعزيز روح المنافسة الإيجابية بين الموظفين.

ومن محاوره كذلك تقديم برامج تدريب وتطوير مستمر لصقل مهارات الموظفين وتطوير قدراتهم بما يتوافق مع التحديات الإدارية الحديثة، وتنظيم إنهاء الخدمة بطريقة قانونية عادلة تحمي حقوق العاملين وتراعي مصالح الجهات الحكومية من خلال آليات واضحة.

بين التفاؤل والتحفّظ

تباينت ردود فعل الموظفين حول القانون بين التفاؤل والتحفظ، ووصفت رنا عبد الكريم، الموظفة في إحدى المديريات الخدمية، الخطوة، بأنها إيجابية وضرورية، وقالت: من الجميل أن يُسأل الموظف والمواطن عن رأيه في قانون سيؤثر على مستقبله الوظيفي، كما أن هذه التشاركية تخلق ثقة جديدة بين الإدارة والعاملين، ويجعلنا جزءاً من العملية الإصلاحية.

أما محمد حجازي، وهو موظف في النقل، فأعرب عن تحفظه قائلاً: المشاركة مهمة كثيراً والأهمُّ هو أن نرى فعلياً انعكاس آرائنا في الصيغة النهائية للقانون لنشعر أن صوتنا مؤثر، وأن العملية ليست مجرد إجراء شكلي.

وأكد مواطنون، أن هذا القانون ليس مخصصاً للموظفين فقط، بل يؤثر بشكل مباشر على جودة الخدمات العامة وسرعة الاستجابة من الجهات الحكومية، مما يجعل مشاركتهم في الاستفتاء أمراً حيوياً.

التشاركية أساس

وفي حديثه لـ”الثورة” أكد الباحث في الإدارة العامة عماد منصور، أن نجاح الإصلاح الإداري لا يكتمل إلا بمشاركة المواطنين، لأن الوظيفة العامة تُدار لخدمتهم، ومن حقهم أن يكونوا شركاء في تطويرها.

وأوضح أن مشروع القانون يمثل نقلة نوعية في الفكر الإداري السوري، مشيراً الى أن التشاركية في إعداد قانون الخدمة المدنية ليست شعاراً، إنما هي أداة أساسية لإعادة بناء الثقة بين الدولة والمجتمع وأن إشراك الموظفين والمواطنين في صياغة السياسات العامة يجعلهم شركاء حقيقيين في التنفيذ والمساءلة.

وبين منصور أن التشاركية تشمل جميع مراحل الإصلاح، من إعداد السياسات إلى تنفيذها ومن ثم تقييم النتائج، وحتى تعديل الإجراءات عند الحاجة. وأكد أن المواطن يجب أن يكون جزءاً فعالاً في كل مرحلة، لأن الخدمات العامة تقدم له، ومن الطبيعي أن يكون لديه الفرصة للمساهمة في تحسينها.

وأشار إلى أنّ القانون الجديد يؤسس لآليات شفافة وواضحة، تشمل نظام تقييم الأداء، برامج التدريب والتطوير، ومعايير موضوعية للتعيين والترقية، مما يعزز كفاءة الجهاز الحكومي وجودة الخدمات المقدمة.

عقد إداري جديد

ويختم منصور حديثه بالقول: إن مشروع قانون الخدمة المدنية يشكل خطوة جوهرية نحو عقد إداري جديد، يربط بين الدولة والمواطن على أساس الشفافية والمساءلة والتشاركية، وإتاحة المشاركة في الاستفتاء عبر تلغرام فرصة لكل مواطن وموظف ليكون شريكاً في رسم مستقبل الوظيفة العامة، وضمان أن الجهاز الحكومي الجديد يلبي تطلعات الحاضر ويرسم ملامح المستقبل.

ولفت إلى أن عمل الوزارة فيما يتعلق بهذا المشروع يؤكد سعيها إلى تأسيس إدارة عامة حديثة، قادرة على تقديم خدمات عالية الجودة، والاستجابة بسرعة وفعالية لاحتياجات المواطنين، مع مراعاة حقوق الموظفين وكفاءتهم المهنية، وفي هذا الإطار، يمثل القانون خطوة حقيقية نحو تحقيق إدارة حكومية كفوءة، شفافة، وقادرة على مواجهة تحديات العصر الحديث.

آخر الأخبار
مجلس الشعب الجديد تجسيد لإرادة السوريين الحرة في حلب الأرصفة للسيارات والشوارع للمارة وفد صناعي سوري يزور بولندا لتعزيز التعاون بعد 15 سنة من الانقطاع  ترامب عن اتفاق غزة: هذا يوم عظيم للعالم بعد إغلاق لأيام .. فتح تدريجي لطرقات الأشرفية والشيخ مقصود بحلب صحافة "الوحدة" تعود للحياة.. استراتيجية شاملة لإحياء مطابع المؤسسة  هل يحدّد صمود وقف إطلاق النار مستقبل العلاقة بين دمشق و"قسد"؟  نقلةٌ نوعيةٌ في أداء قسم الكلية بمستشفى " المجتهد "  سوريا الجديدة ترسم مستقبل الوظيفة العامة بمشاركة الجميع  نصر الحريري: تجربة التعامل مع "قسد" مريرة ومشروعها خارجي  سوريا ترحّب بوقف إطلاق النار في غزة وتدعو لمرحلة جديدة من الاستقرار "أربعاء الرستن".. حملة أهلية تجمع 3.8 ملايين دولار لإحياء المدينة وبناء مستقبلها  في حملة "الشهر الوردي".. الكشف المبكّر يساهم في الشفاء  توقعات البنك الدولي .. نموٌ اقتصاديٌ هشٌّ مقابل  تحدّيات جسيمة  الصناعات الحرفيّة في حلب.. تحدّيات تواجه دوران عجلة الإنتاج  حدائق حلب المنسية.. "رئة المدينة" تعاني الاختناق مجلس مدينة إدلب يطلق حملة لمكافحة الكلاب الضالة انطلاق المرحلة الرابعة من عودة النازحين السوريين من لبنان تأهيل الطرق وتحسين البنية التحتية في منبج وإعزاز عبد الحفيظ شرف: دمشق تتعامل بمسؤولية وطنية وتغلّب الحل السلمي مع "قسد"