الثورة – فؤاد العجيلي:
الصناعات الحرفية من أبرز أعمدة الصناعة في حلب، إذ تمثل جانباً هاماً من الصناعات التي تعبر عن عراقة حلب ومكانتها الصناعية محلياً وعالمياً، فضلاً عن كونها جزءاً أساسياً من الاقتصاد الصناعي في المحافظة، إلا أنها ما زالت تواجه العديد من المعوقات، التي تحدّ منها وتمنعها من الانطلاق كسابق عهدها.
معوقات
رئيس اتحاد الحرفيين بحلب عمار مجنو، أوضح في حديث خاص لـ”الثورة”، أن هناك العديد من التحديات التي تواجه الصناعات الحرفية وتحد من دوران عجلة الإنتاج، وبالتالي تعوق النهضة الاقتصادية وربما تولّد منعكسات سلبية على المجتمع، مبيناً أن أبرز هذه المعوقات أزمة الطاقة وارتفاع التكاليف، إذ تعد الطاقة التحدي الأكبر، فهنالك العديد من المنشآت أصبحت تعتمد على المولدات الخاصة بوقود الديزل، وبعض الصناعات تحتاج إلى تغذية كهربائية مستمرة على مدار 24 ساعة لضمان استمرارية الإنتاج.
ولفت إلى وجود تحدٍّ آخر، يتمثل بالمنافسة الخارجية والإغراق، فقد أصبحت السوق مفتوحة أمام البضائع المستوردة السيئة بأسعار منخفضة، ما يصعب على المنتج المحلي منافستها، وخاصة مع الدعم الذي تتلقاه الصناعات في بعض الدول المجاورة.
وإلى جانب ضعف البنية التحتية، أكد مجنو أن المعوقات رفعت بشكل كبير تكاليف الإنتاج، الأمر الذي يؤثر بدوره على قدرة المنتج المحلي على المنافسة ، فضلاً عن مشكلة نقص اليد العاملة الماهرة في بعض المهن، لقد خسرت حلب جزءاً كبيراً من خبراتها الصناعية نتيجة الهجرة خلال الحرب، ما انعكس سلباً على جودة وكفاءة العمل في الورشات والمعامل.
ملتقى الصناعات الحرفية
يشير مجنو إلى أن حلب تضم العديد من المهن اليدوية التراثية، ومهن الصناعات الآلية الخفيفة والمتوسطة، إلى جانب وجود العديد من المناطق والتجمعات الصناعية والحرفية ،لافتاً إلى أن الآلة العسكرية للنظام البائد طالت الكثير من المنشآت وتسببت بدمار الجزء الأكبر منها، واليوم وبعد أن تحررت سوريا، يتطلع الحرفيون إلى إعادة إعمار المنشآت المتضررة، مع لحظ أن قسماً منها مازال يمارس العمل والإنتاج برغم وجود العديد من التحديات.
جهود للنهوض
مجنو نوّه بتحسين البيئة الاستثمارية من خلال إقرار وزارة الاقتصاد والصناعة نظاماً جديداً للاستثمار في المدن الصناعية، يهدف إلى تقديم تسهيلات للمستثمرين، مثل الإعفاءات والحوافز الضريبية والتسهيلات الجمركية وضمان عدم تغير القوانين المؤثرة على المشروع خلال مدة العقد، وهناك مبادرات لإحياء الحرف اليدوية من قبل الحرفيين وجمعياتهم بهذا الخصوص، حيث يقوم “شيوخ الكار” بتقديم خبراتهم للأجيال الجديدة، وسعيهم لإقامة دورات تدريبية.
وختم مجنو حديثه، أنه على الرغم من التحديات الجسام، فإن الصناعة والحرف اليدوية في حلب تظهران مرونة ملحوظة وإصراراً على النهوض، ويعتمد مستقبلهما على ركائز عدة، أهمها تحسين البنية التحتية، وتوفير طاقة رخيصة وموثوقة، وحماية فعالة للمنتج المحلي، بالإضافة إلى دعم مستمر للحرف التقليدية التي تشكل روح هوية المدينة.
إن إعادة إحياء الصناعة الحلبية ليست مجرد مسألة اقتصادية فحسب، بل هي خطوة أساسية لضمان استمرار الدور التاريخي والثقافي للمدينة، ليس على المستوى المحلي فقط، بل على مستوى المنطقة ككل.