سوريا تبدأ فصلاً جديداً في حربها على تجارة المخدرات

الثورة- ترجمة ختام أحمد:

إنها خطوة جيدة في الاتجاه الصحيح، أن حكومة أحمد الشرع لم تعد دولة مخدرات كما كان نظام الأسد المخلوع. لسنوات طويلة، أشرف النظام المخلوع على واحدة من أكثر تجارات المخدرات تدميراً في الشرق الأوسط، واستفاد منها، حيث غمرت الكبتاغون وغيره من المخدرات الدول المجاورة وزعزعت استقرار المنطقة، والآن، أظهرت الحكومة السورية بقيادة الشرع عزمها على عكس هذا الإرث المدمر.

ففي الأشهر الأخيرة، كثفت قوات الأمن السورية حملتها ضد تهريب المخدرات، وصادرت كميات كبيرة منها في حملة أمنية واسعة النطاق، فقد تمت مداهمة مستودعات، وتفكيك منشآت إنتاج، واعتقال مهربين في جميع أنحاء البلاد، وتشير هذه الخطوات إلى أن القيادة السورية الجديدة تدرك التهديد الذي يشكله تهريب المخدرات ليس فقط على استقرار سوريا، بل على جيرانها وعلى الشرق الأوسط بأكمله.

خلّف اعتماد نظام الأسد على تجارة المخدرات إرثاً مدمراً لسوريا والمنطقة المحيطة بها، ففي ذروة الحرب ، تحوّل إنتاج الكبتاغون إلى صناعة بمليارات الدولارات، شكّلت شريان حياة مالياً لدائرة الموالين للمخلوع، وأتاحت هذه الأرباح غير المشروعة للنظام تجاوز العقوبات، وتمويل الميليشيات، ومواصلة قبضته على السلطة، بينما عانى السوريون العاديون من الفقر والدمار. لم تقتصر تجارة المخدرات على الحدود السورية، بل امتدت إلى الأردن والعراق ولبنان وتركيا ودول الخليج، مقوّضةً الاستقرار الإقليمي ومُنشئةً بؤراً جديدة للصراع، وقد دقّ المسؤولون الأردنيون ناقوس الخطر مراراً، مُبلغين عن اشتباكات مسلحة مع المهربين على طول حدودهم، ومشيرين إلى سوريا كمركز للمشكلة.

لم يكن الضرر اقتصادياً أو أمنياً فحسب، بل كان اجتماعياً أيضاً، مُؤثّراً على النسيج المجتمعي، في عهد الأسد، ازدهر الفساد مع تسرب أموال المخدرات إلى مؤسسات الدولة، مُضعفاً سيادة القانون ومُرسّخاً ثقافة الإفلات من العقاب.

فقدت المجتمعات مستقبلها، فبدلاً من السعي وراء التعليم والمهن، وقع الشباب في دوامة الإدمان أو انجذبوا إلى اقتصاد التهريب، وأدى انتشار المخدرات إلى تطبيع الإجرام والعنف، مما أدى إلى تآكل القيم وإثارة اليأس، توضح هذه النتائج لماذا لم يكن الاتجار بالمخدرات في عهد الأسد مجرد جريمة اقتصادية، بل اعتداءً أخلاقياً واجتماعياً على المجتمع السوري.

لقد تحركت الحكومة السورية الجديدة في الاتجاه الصحيح، ولكن على الرغم من أن إجراءاتها مشجعة، إلا أنه لا يزال هناك الكثير مما يجب القيام به، إن عمليات الضبط واسعة النطاق والحملات الأمنية المشددة ضرورية، لكنها لا تكفي وحدها لاقتلاع شبكات المهربين والمستغلين المتجذرة التي خلّفتها سنوات نظام الأسد.

ولكي تتحرر سوريا حقاً من ماضيها كدولة مخدرات، فإنها تحتاج إلى تعاون أوسع مع الدول المجاورة، وتقع الأردن والعراق ولبنان وتركيا في طليعة هذا التحدي، إذ غالباً ما تُشكّل الطرق الرئيسية التي تسلكها المخدرات لمغادرة سوريا.

وتُعد العمليات المشتركة والمعلومات الاستخبارية المشتركة ودوريات الحدود المنسقة ضرورية لتضييق الخناق على طرق التهريب، على سبيل المثال، عزز الأردن بالفعل تعاونه مع سوريا لمكافحة هذه الشبكات، لكن التعاون المستدام سيكون ضرورياً لاحتواء المشكلة.

لن يكفي النهج الجزئي المطلوب، استجابة إقليمية شاملة، وسيكون تشكيل تحالف إقليمي يضم سوريا وجيرانها خطوة فعّالة في هذه المعركة، فتهريب المخدرات لا يقتصر على بلد واحد؛ بل هو مشكلة عابرة للحدود تتطلب حلولاً عابرة للحدود أيضاً، ومن الممكن أن يعمل تحالف إقليمي على توحيد السياسات، وإنشاء أطر قانونية لتسليم المجرمين، وتجميع الموارد اللازمة للمراقبة المتقدمة ومراقبة الحدود، وإنشاء آليات لتجميد ومصادرة أصول المتاجرين.

وقد أثبت نموذج المملكة العربية السعودية القائم على الرقابة الصارمة، والعمليات الاستخباراتية المتطورة، والمؤسسات الأمنية المنسقة فعاليته في احتواء التهديدات، إذا تبنت سوريا هذه الإجراءات وطبقت تدابير مماثلة- مع ضمان المساءلة والحد من الفساد- فقد تُحسّن قدرتها على مكافحة شبكات الاتجار بشكل كبير.

ومع ذلك، فإن دحر تجارة المخدرات يتطلب أكثر من مجرد أمن الحدود والعمليات العسكرية، يجب أيضاً تضافر الجهود للحد من الطلب وإعادة تأهيل المجتمعات، وتعدّ توعية الشباب بمخاطر تعاطي المخدرات أمراً بالغ الأهمية، لاسيما في بلد يشعر فيه الكثير من الشباب باليأس بعد سنوات من الحرب والدمار.

كما يجب ألا تقتصر إعادة إعمار سوريا على إعادة الإعمار المادي فحسب، بل تشمل أيضاً تعافي نسيجها الاجتماعي، الذي تضرر بشدة جراء الحرب والمخدرات.

Violet💞, [09/10/2025 04:13 ص]
في الختام، اتخذت حكومة أحمد الشرع خطوات مهمة لطي صفحة ماضي سوريا كدولة مخدرات، وأظهرت التزاماً بذلك تجاه الدول المجاورة، وإذا ما تواصلت هذه الجهود المشتركة بعزم، يمكن لسوريا أن تتجاوز حقبة الكبتاغون وأن تبني مستقبلاً أكثر أماناً وصحة لشعبها وللمنطقة ككل.

المصدر- Alarabiya english

آخر الأخبار
سوريا تشارك في "القمة العالمية للصناعة" بالرياض  حفرة غامضة في درعا تشعل شائعات الذهب.. مديرية الآثار تحسم الجدل وتوضّح الحقيقة داء السكر .. في محاضرة توعوية  استراتيجية المركزي 2026–2030.. بناء قطاع مالي أكثر توازناً وفاعلية سوريا ولبنان.. من الوصاية والهيمنة إلى التنسيق والندية انتشار أمني واجتماع طارئ.. إجراءات في حمص لاحتواء التوترات بعد جريمة زيدل سوريا الجديدة في مرآة الهواجس الأمنية الإسرائيلية من أماكن مغلقة إلى مؤسسات إصلاحية.. معاهد الأحداث تعود إلى الخدمة برؤية جديدة الطاقة الشمسية خارج الرقابة.. الجودة غير مضمونة والأسعار متفاوتة خريطة الترميم المدرسي في سوريا.. 908 مدارس جاهزة وألف أخرى قيد الإنجاز دمشق تستضيف اجتماع لجنة النقل في "الإسكوا" لأول مرة منذ أكثر من 15 عاماً سوق السيولة.. خطوة تدعم الاستقرار النقدي وزارة التربية تحدد مواعيد التسجيل لامتحانات الشهادات العامة لدورة 2026 عودة اللاجئين.. استراتيجية حكومية تعيد بناء الثقة مع الدولة سوريا والتعاون مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية... مسار لا رجعة عنه إعادة تفعيل البعثة السورية لدى منظمة حظر الأسلحة..السفير كتوب لـ"الثورة": دمشق تستعيد زمام المبادرة ... رئيس الأركان الفرنسي يؤكد ضرورة الاستعداد للحرب لبنان وسوريا يتجهان نحو تعاون قضائي مشترك تفعيل البعثة الدائمة.. كيف تطوي سوريا صفحة "الرعب" ومحاسبة مجرمي "الكيميائي"؟ الأردن يعزز التنسيق مع سوريا لمواجهة تحديات إقليمية