الثورة – رشا سلوم:
تفتك بالبشرية في القرن الحادي والعشرين أوبئة هي عار على ما يسمى الحضارة والمدنية البشرية لأنها من صنع الإنسان المدعي الرقي والتقدم.
ولعل أشنع هذه الأوبئة والأمراض هو الجوع الذي يفتك بالكثير من دول العالم ليس لقلة الموارد بل لأن العقل الاستعماري الغربي مازال ينظر إلى الآخر أنه مجرد تابع وعليه أن يبقى وإن لم يفعل فالعقاب له، وأول أدوات هذا العقاب الحصار والتجويع..
هذه الحال يناقشها كتاب عار الجوع تأليف ديفيد ريف، وترجمة أحمد عبد الحميد أحمد، وقد صدر ضمن سلسلة “عالم المعرفة” التي يصدرها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بالكويت.
القراءات السريعة لهذا الكتاب المهم تتوقف عند
السؤال التالي الذي طرحه المؤلف ألا وهو : لماذا أخفق العالم في إيجاد حل لأزمة الجوع في القرن الحادي والعشرين؟ وينطلق منه إلى تقييم ما إذا كانت نهاية الفقر المدقع والجوع المنتشر على نطاق واسع باتت في متناول أيدينا حقا كما بشرتنا الوعود المتزايدة.
ويشير هذا الكتاب إلى أنه في عام 2000 اتفق زعماء العالم وكثير من مستشاريهم على أن استئصال شأفة الجوع يعد أولوية قصوى للألفية الجديدة، وتحديا من المرجح التغلب عليه بحلول منتصف هذا القرن.
وعلى الرغم من ذلك تصاعدت أسعار القمح وفول الصويا والأرز في العقد الماضي، وهو ما أدى إلى توسيع فجوة الفقر وإثارة موجة من الاضطرابات السياسية، ومن ثم ألقت هذه الأزمة الطاحنة بظلالها القاتمة على السكان الأشد فقرا في العالم الجنوبي، أو من يطلق عليهم مليار القاع الذين يعيشون على أقل من دولار يوميا، والذين يعملون دائما تحت وطأة الجوع.
في هذا السياق، يركز ديفيد ريف على البحث عن الأسباب الكامنة وراء أزمة الأمن الغذائي، وكذلك الأسباب التي نجمت عن التغير المناخي، وسوء إدارة الأزمات، والتفاؤل المضلل، وهكذا يطلق الكتاب صرخة تحذير من عواقب الخصخصة المتزايدة لخطط وبرامج مساعدات التنمية.
وهنا يحذر المؤلف من ممارسات التدخل من قبل نشطاء حقوق الغذاء من المشاهير، لافتا إلى أن ما يطرحه من حلول تحركها المصالح والأعمال التجارية تفرغ التنمية من مضمونها السياسي الملح.
وأخيرا يرفض المؤلف وهو خبير بارز في مجال المساعدات الإنسانية والتنمية، الأمل الخامل بأن ندرة الغذاء يمكن حلها عن طريق الابتكار التكنولوجي وحده، كما يطالبنا بإعادة التفكير في الأسباب الجوهرية للتفاوتات الغريبة في الثروات حول العالم، ويرى أن المشكلة تمثل تحديا للإنسانية.