الملحق الثقافي-غسان شمه:
في كتابه «دراسات في الأدب العلمي» يمضي بنا د. أحمد علي محمد في رحلة مثيرة إلى عوالم الكتابة التي تستقي مادتها من الخيال والأسطورة والعلم مقارباً بغنى معرفي السيرة التاريخية والفكرية لما يصطلح عليه بالأدب العلمي، وهو ما شكل زاداً فنياً للكثير من الأعمال السينمائية التي أنتجت وفق رؤية كتابها ومخرجيها قصص الإثارة والرعب خاصة في عالمي مصاصي الدماء والمستذئبين..
يقول الباحث في كتابه إن الحضارة الفارسية كانت السباقة إلى معرفة «مصاصي الدماء» الذين يأكلون لحوم البشر ويتغذون بدمائهم.. وفي الحضارة الفرعونية كان «سخمت» وهو إله من آلهة الفراعنة، يُستدل به على مصاصي الدماء.. وعرفت الحضارة البابلية أنثى الشيطان «ليليث» التي تتغذى بدماء البشر…وفي الحضارتين اليونانية والرومانية مسميات شتى لمصاصي الدماء مثل «إمبيوسا ولاميا» .. وفي ملحمة هوميروس «الأوديسة» عرض لحكاية من حكايات مصاصي الدماء وفيها أن سماع أصوات الأرواح التي لا تموت لا يتحقق إلا بعد أن تشرب الدماء.
وتعد رواية «دراكولا» للكاتب الإيرلندي برام ستوكر رائدة في مجال الكتابة الإبداعية والأدبية إذ ألفت عام 1897م.. كما برز العديد من الكتاب مثل الأميركية «آن رايس» التي ألفت كتاباً بعنوان «مقابلة مع مصاصي الدماء» عام 1976م.. و الرومانية شارلين هاريس صاحبة رواية «ميتة إلى الأبد»، ونشرت أعمالاً عن شخصيات أسطورية وعن المستذئبين، ولا ننسى رواية «فرانكشتاين» للبريطانية ماري شيلي.
بدوره لم يكن الأدب العربي، القديم منه أو الحديث، بعيداً عن هذا النمط من الأدب، فقد وضع ابن سينا رسالته «حي بن يقظان» وعلى نفس المنوال نهج ابن الطفيل.. وفي الأدب الحديث اشتهر العديد من الكتاب ربما من أبرزهم د.طالب عمران ود.أحمد خالد توفيق.
ولا بد من الإشارة إلى أن الأدب العلمي، في جانب كبير منه، سعى لمحاكاة العلم «لا بل أراد أن يسبق العلم من جهة الرؤيا والتبصر والاكتشاف».
العدد 1174 – 16 -1 -2024