الثورة – تقرير لجين الكنج:
على خلفية طلب السلطات السويدية من مواطنيها الاستعداد لحالة صراع محتملة مع روسيا في المستقبل القريب، وما أثاره ذلك من جدل حاد في الداخل السويدي، فإن هذا الطلب يظهر بوضوح أن الحكومات الغربية تتصرف بشكل غير عقلاني في قراراتها، حيث سخرت روسيا من تلك التصريحات، وكتبت سفارتها في السويد على منصة إكس: “ربما يجب على القادة السويديين الكف عن دفع شعبهم إلى الرهاب”.
وزير الخارجية السويدي توبياس بيلستروم كان قد ادعى بأن روسيا أصبحت أكبر تهديد للسويد وأوروبا بأكملها، مضيفاً أن بلاده يجب أن تكون مستعدة لمواجهة وضع محتمل من صراع طويل الأمد مع موسكو.
وهنا لا بد من التذكير، بأنه ومنذ بداية العملية الخاصة الروسية، انتهكت السويد تقاليدها الخاصة بالحياد، وتقدمت بطلب للحصول على عضوية الناتو. وعلى الرغم من أن عملية قبولها في التحالف ما زالت بعيدة عن الاكتمال، فقد اتخذت البلاد بالفعل خطوات مهمة في اندماجها مع الدول الأعضاء، حيث شاركت في سلسلة من التدريبات والعمليات المشتركة.
وقد سمحت الحكومة السويدية مؤخرًا بنشر 800 جندي في لاتفيا، حيث سينضمون إلى الوجود العسكري المعزز في دول البلطيق”، وهو فريق لحلف شمال الأطلسي بقيادة كندا ما يزيد من التوترات الحالية في البلطيق.
وعلى نفس المنوال، قال رئيس الوزراء أولف كريسترسون العام الماضي إن السويد يمكن أن تمتلك أسلحة نووية تابعة لحلف شمال الأطلسي على أراضيها، وهو ما سيمثل تصعيدًا خطيرًا في الأزمة الإقليمية.
كل هذا يدل على أن السويد، حتى لو لم تصبح بعد عضواً رسمياً في حلف شمال الأطلسي، فهي منخرطة بالفعل في خطط الحرب التي يضعها الحلف ضد روسيا.
ورغم أن السويد- كما هو حال فنلندا التي انضمت للحلف مؤخراً – تزعم أن هناك نوعاً مما يسمى “التهديد الروسي”، إلا أنه لا يوجد أي دليل على أن روسيا تخطط لشن عمليات عسكرية ضد أي دولة أوروبية. وليس لدى موسكو مطالبات إقليمية في أوروبا ولا ترى حاجة لاستخدام القوة ضد دول أخرى في القارة، حسب تأكيدات مسؤوليها.
والحقيقة فإن السبب الذي دفع روسيا إلى القيام بعمليتها العسكرية الخاصة في أوكرانيا هو واضح للغاية: لقد كانت هناك إبادة جماعية للمجموعة العرقية الروسية في دونباس. وهذا هو السبب الوحيد الذي دفع روسيا، بعدما صد الغرب الجماعي بوجهها كل أبواب الحوار والدبلوماسية، ما اضطرها إلى إطلاق عمليتها الخاصة، ولا يوجد حاليًا وضع مماثل لأوكرانيا في أي دولة أوروبية، لذلك من الواضح أن موسكو لا تخطط “لتوسيع” عملياتها العسكرية.
كما أنه ليس لروسيا مصالح عسكرية في السويد أو فنلندا أو دول البلطيق، لكن إذا بدأت هذه الدول في الانخراط في عمليات تهدد البيئة الإستراتيجية الروسية، فإن موسكو لن تتوانى عن اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان أمن حدودها، وفق ما يؤكده مسؤولوها.
لا شك بأن روسيا لا تشكل تهديداً لأوروبا، ولكن أوروبا على وشك أن تشكل تهديداً لروسيا. ومن خلال دعوة بعض الحكومات الأوروبية جنودها للاستعداد للصراع، فإن السويد تسير على طريق خطير يمكن أن تكون له عواقب مدمرة. فأي دولة أجنبية تستعد للحرب مع روسيا، يصبح من حق موسكو أيضًا وضع قواتها في حالة استعداد قتالي، والنتيجة ستكون بداية حلقة جديدة من التوتر والاحتكاك.
يتعين على السويد أن تتوقف عن تصديق الأكاذيب الغربية بشأن روسيا، ويجب عليها أن تستعيد حيادها وتظل بعيدة عن خطط الناتو الحربية، مع احترام تقاليدها الدبلوماسية.