الثورة – ترجمة هبه علي:
في عوالم الشرق الأوسط البعيدة، تحول الحلم الأميركي إلى كابوس مؤرق.
إن المظهر البشع لرذائل أمريكا – العنف الذي لا رادع له، والسرقة المتفشية، والجشع الذي لا يشبع – يظهر بعيداً عن الشعب الأمريكي، ما يجعل حتى المبشرين التلفزيونيين الأكثر فساداً يخجلون.
لقد حاولت أميركا يائسة التحول نحو اهتمامات إستراتيجية أكبر، مثل ظل الصين الذي يلوح في الأفق.
ومع ذلك، فإن إرثها في الشرق الأوسط لا يزال قائماً مثل طفل محتقر يجذب أذيال أمريكا، ويذكرها بشحنة الأسلحة الأخيرة المتجهة إلى غزة – وهي المنطقة التي تمثل ذروة عقود من الفوضى، والجمود السياسي، وقوائم المراجعة الباهتة.
بعد أن أصبحت القوة العالمية المنفذة المسلحة بأكياس من الذهب والعصا الغليظة، فقدت أمريكا اهتمامها بعكس عارها المتوج: (إسرائيل وحل الدولتين).
إن “إسرائيل”، التي أصبحت الآن تحت سيطرة المتعصبين اليمينيين المتطرفين الذين يتوقون إلى إنقاذ أنفسهم من خلال حرب دائمة توصف بنهاية الزمان، أصبحت الضربة القاضية للتفوق الجيو سياسي الأميركي.
المشهد مشابه لأمريكا حيث يظهر العم المخمور في حفل الشواء، محملاً باللحوم والبيرة، ويترنح ويعرض المساعدة ولكنه غير قادر على تقديمها.
إن سنوات من الشعور بالضيق وعدم الكفاءة على المستوى الداخلي وفي مختلف مناطق الصراع في الشرق الأوسط، جعلت السياسة الخارجية الأميركية تهزم نفسها بنفسها، ومقيدة باستراتيجيات عفا عليها الزمن وغير مناسبة للقرن الحادي والعشرين.
وتمتد الكارثة إلى ما هو أبعد من ضعف أميركا عندما يتعلق الأمر بإسرائيل؛ لقد كانت السياسة الأميركية في الشرق الأوسط بمثابة كارثة تامة منذ حرب الخليج الأولى.
بدءاً من المغامرات الباهظة التكلفة في أفغانستان إلى عقوبات برنامج النفط مقابل الغذاء التي أدت إلى مجاعة جماعية في العراق، فضلاً عن التطرف الذي أعقب ذلك في الدولة والغزو اللاحق، والمواقف غير المفهومة بشأن سورية وإيران – يبدو أن كل خطوة محكوم عليها بالفشل.
وذلك لأن أميركا، التي عانت من الفشل المدمر تلو الفشل في المنطقة، تخلت عن نشر قواتها لتحقيق أهداف إستراتيجية.
ولتغيير مصيرها واستعادة الصدارة، يتعين على الأميركيين أن يطالبوا بالعودة إلى الأساسيات.. ويحتاج الدبلوماسيون إلى تحسين مهاراتهم، وتتطلب السياسة الخارجية الوضوح والتموضع المستدام، ويجب أن يكون هناك التزام متجدد لاستعادة الجهات الفاعلة ذات النية الطيبة التي تتمتع بعلاقات حسنة النية.
غروب الشمس على الإمبراطورية البريطانية بطريقة سريعة ومذهلة. إن مصير أميركا يبدو مماثلا؛ لقد استنزفت الثقة المفرطة في التسعينيات كل ما تبقى من كفاءة، والغطرسة هي بداية النهاية لكل إمبراطورية.
ولكن ربما كان الخطأ هنا هو الاعتقاد بأن الشرق الأوسط، بشعوبه المتنوعة والحيوية التي عانى منها التاريخ الحديث، كان من الممكن تحقيق النصر فيه في المقام الأول.
المصدر – نيوزويك
السابق