ليست فقط نقابة عمال النقل البري والسكك الحديدية بدمشق وريفها هي وحدها التي ناقشت هموم العاملين وواقع القطاعات التي يعملون بها، وإنما نقابة عمال النقل الجوي وكذلك البحري، حتى الاتحاد العام الذي لم يسبق له وأن ترك أي اجتماع أو لقاء كان إلا وناقش خلاله هموم الطبقة العاملة ومشاكلها التي يبدو أنها ستبقى “لا معلقة ولا مطلقة” بانتظار تميز جديد، أو إبداع فريد من نوعه يتم تسجيله خلال الاجتماعات القادمة “المركزية والفرعية” للاتحاد العام ونقاباته على حد سواء.
جميعهم يؤكدون ويركزون ويسلطون الضوء على جملة “مناقشة هموم وأوضاع ومشاكل العمال – على اختلافهم”، وكأن حلم العامل الوحيد في حياته الوظيفية هي مناقشة أوجاعه، لا العمل على حلها من جذورها حتى نهاية أطرافها، وتكحيل عيونهم وإطراب آذانهم وإثلاج قلوب أسرهم بقرارات ومخرجات ترتقي ولو بالحد الأدنى إلى الأخبار التي يصدرونها “على الورق فقط” في ختام كل اجتماع وتحديداً منها عبارة “تميزت الدورة كذا أو الاجتماع كذا .. بطروحات جادة وموضوعية لامست هموم طبقة العمال الكادحة”.
هموم العمال منذ عقود لا سنوات أو أشهر هي “عينها وذاتها ونفسها”، تماماً وفي نسخة طبق الأصل عن النقاشات، والجميع .. الجميع دون استثناء من داخل الاتحاد العام لنقابات العمال ومجلس الوزراء يعرفونها “واحدة واحدة” ويحفظونها عن ظهر قلب بأدق تفاصيلها، كونها ترددت على مسامعهم عشرات المرات، وسطرت مئات المرات في الكتب والمراسلات والمداخلات لعل أهمها على الإطلاق ” تأمين نظام حوافز متطور للمكافآت تشجيعياً للعمال في جميع المؤسسات، وزيادة الرواتب والأجور، وتثبيت العمال المؤقتين، ومعالجة نقص الكوادر البشرية الاختصاصية، والعدد والأدوات والآليات والمواد”.
هذه الهموم – التي أشبعت من الطرح والنقاش – لا يمكن حل ملف واحد منها من خلال الأقوال أو من وراء المكاتب فقط، لأننا حينها سنكون “ندور في حلقة مفرغة” ليس إلا ..
حلقة لا تحسن من أوضاع وأحوال أصحاب الزنود السمراء والعضلات المفتولة، ولا تعطي الحلقة الأقوى طيلة العقود الماضية حقها قبل أن يجف عرقها، ولا تساهم أو تساعد في تطوير وتحديث الأدوات والمعدات والتجهيزات والخطط والبرامج الإنتاجية”ولو قيد أنملة” تماماً كما النقاشات لمجرد النقاشات.