يدللن على منتجاتهن وسط الزحام.. بائعات جوالات: العمل شرف والظروف لا ترحم أحداً

الثورة- علا محمد:
(الجوز واللوز، العنب والتين المجفف، بيض بلدي وحليب وأجبان طازجة وغيرها) كلها بضائع ومنتجات منزلية جاء بها الباعة الجوالون من قراهم البعيدة- رجال وسيدات- ليفترشوها على جانبي الطريق في بعض الأماكن المخصصة وغير المخصصة في الشوارع والأزقة التي ما فتئت مشغولة بهم وبنداءاتهم على مختلف السلع والأطمعة، على مدار فصول السنة.
لكن الأمر يزداد صعوبة في أجواء الشتاء القاسية التي لا يمكن للمرء مجاراة برده وأجوائه إلا بمزيد من الصبر والتحمل على مشاق الظروف.
حول ذلك رصدت “الثورة” في أحد شوارع ريف دمشق عدداً من النسوة اللاتي يعرضن منتجاتهن، حيث تتسع زوايا الطريق، وقد تحدين التعب وظروف الطقس القاسية، فبعد اتساع دائرة الفقر وضغط الحاجة كان لا بد من مزاولة هؤلاء النسوة لهذه المهنة التي تصنف في دائرة ما يسمى بالقطاع غير “المهيكل” التي تنافس نفسها بنفسها، فيكدحن ما يقارب ال١٢ ساعة يومياً بدءاً من الصباح الباكر حتى المساء من أجل سد رمقهن وعائلاتهن بعض الشيء.
وعلى الرغم من ذلك لا ينجح أغلبهن في الخروج من دائرة العوز والحاجة بحسب قولهن..
أم محمد التي تركت في المنزل والدتها المريضة وأولادها الصغار تحدثت عن حاجتها لتأمين الدواء ومستلزمات أطفالها في غياب زوجها المفقود، فما كان لها إلا اللجوء لبيع منتجات أرضها وصناعة الجبن والزبدة البلدية، وعلى الرغم من صعوبة ذلك عبرت عن سعادتها بالعمل النافع الشريف، مؤكدة وبلسان من مثلها أنه لا يمكن قبولهن طلب الحاجة ما دُمن قادرات على العمل والعطاء.
وعن إقبال الناس لشراء هذه المنتجات، أوضحت إحدى البائعات أنه بعد انتشار الأمراض بكثرة ولجوء بعض التجار للغش في صناعة المنتجات وخاصة الألبان والأجبان أخذ الناس يبحثون عن ما هو آمن ونظيف وبسعر منافس.
واللافت في هذا السياق أن معظم هؤلاء السيدات حصلن على شهادات إلا أنهن لم يجدن فرصاً للعمل- وفق ما أشارت إليه السيدة ميساء، وهي أم لأربعة أطفال- إذ إنها حصلت على الشهادة الثانوية وتزوجت في سن مبكرة، لكن معاناتها بدأت بعد وفاة زوجها حيث وجدت نفسها تواجه الحياة بالتزامات وديون كثيرة، من هنا بدأت بالبحث عن عمل يسد بعضاً من حاجاتها وأطفالها دون جدوى فاضطرت للعمل في البيوت.
وتابعت على استحياء محاولة إخفاء حشرجة صوتها بقولها “إن الفقر لا يعيب الإنسان إنما يعيبه الجهل وقلة الحيلة وعدم حسن التدبير، لذلك كله قررت أن أعيل نفسي وعائلتي من دون الحاجة لأحد، منوهة بأنها بدأت بمشاركة إحداهن بصنع الأجبان والألبان وبيعها في المدينة والحمد لله يعيشون كفاف يومهم.
وانطلاقاً مما سبق يرى الباحث الاجتماعي أيمن السمان أن سبب انتشار الباعة الجوالين يعود إلى ارتفاع معدلات البطالة بشكل كبير بعد الحرب العدوانية التي أصابت بلادنا، والتي دمرت آلاف المنشآت الاقتصادية الإنتاجية، وهدمت البيوت والمؤسسات والمراكز الاجتماعية، فلم يعد بإمكان القطاعات استيعاب العمالة في سورية.. عدا عن الكثير من المشكلات الاجتماعية التي نتجت عن الحرب من تهجير وطلاق وترمل وفقدان المعيل لكثير من الأسر، ووصول حالات الفقر إلى نسب عالية مع غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار بشكل جنوني، فتزايدت ظاهرة الباعة الجوالين في الطرقات والأحياء لتأمين معيشتهم.
ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه.. ألا يوجد أفكار خلاقة قادرة على إقامة مشاريع جديدة تعمل على توفير فرص العمل لطالبيها ومستحقيها.؟
أين هو دور وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وهيئة تنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تستهدف المرأة المعيلة وأصحاب المهن اليدوية ومحدودي الدخل لمكافحة البطالة والنهوض بالاقتصاد.

 

آخر الأخبار
ماذا لو عاد معتذراً ..؟  هيكلة نظامه المالي  مدير البريد ل " الثورة ": آلية مالية لضبط الصناديق    خط ساخن للحالات الصحية أثناء الامتحانات  حريق يلتهم معمل إسفنج بحوش بلاس وجهود الإطفاء مستمرة "الأوروبي" يرحب بتشكيل هيئتَي العدالة الانتقالية والمفقودين في سوريا  إعادة هيكلة لا توقف.. كابلات دمشق تواصل استعداداتها زيوت حماة تستأنف عمليات تشغيل الأقسام الإنتاجية للمرة الأولى.. سوريا في "منتدى التربية العالمية EWF 2025" بدائل للتدفئة باستخدام المخلفات النباتية  45 يوماً وريف القرداحة من دون مياه شرب  المنطقة الصناعية بالقنيطرة  بلا مدير منذ شهور   مركز خدمة الموارد البشرية بالخدمة  تصدير 12 باخرة غنم وماعز ولا تأثير محلياً    9 آلاف طن قمح طرطوس المتوقع   مخالفات نقص وزن في أفران ريف طرطوس  المجتمع الأهلي في إزرع يؤهل غرفة تبريد اللقاح إحصاء المنازل المتضررة في درعا مسير توعوي في اليوم العالمي لضغط الدم هل يعود الخط الحديدي "حلب – غازي عنتاب" ؟  النساء المعيلات: بين عبء الضرورة وصمت المجتمع