علاقة شائكة ومعقدة

الملحق الثقافي- خالد حاج عثمان:
منذ ابتداع النص الأدبي الأول شعراً أو نثراً…والمعركة- بين المنجز الأدبي والقارىء- قائمة…
تقوى عواصفها..ولاتهدأ..كنار مشبوبة لايخمد أوارها…فكل طرف من طرفي هذه المعركة يشدّ الغطاء إلى جانبه..وهذه المعركة لم تقف عند الآراء القيمية السريعة بل تجاوز ذلك إلى تأليف الكتب في هذا الأمر..ولعل مكتبتنا العربية تزدحم بالعديد من الكتب والدراسات والمساجلات النقدية بدءًا مما كان يحدث في مضارب الأسواق الأدبية..عكاظ وذي المجن وغيرهما من تحكيم وتقييم للنص من على لسان صاحبه…إلى الكتب النقدية الحديثة مرورًا بالمؤلفات النقدية القديمة لدى أبي حيان التوحيدي وابن المعتز وابن رشيق…وغيرهم..مع نية الجميع إلى بلورة وتقييم نص أدبي يقدم إلى جمهور المتلقين ويؤسس لقصيدة أو نص ورواية فيما بعد مع اكتمال العناصر البنائية والمعنوية..والتصويرية..
واليوم تطرح صحيفة الثورة وملحقها الثقافي ملف العلاقة بين الأديب والناقد..
فكيف يقرأ المشتغلون بالنقد والمبدعون..هذه العلاقة:
نبدأ مع الشاعرة عائشة السلامي التي تقول:
بدايةً دعونا نعرف معنى الكلمتين لغوياً و من ثم نقرأ العلاقة بينهما فكلمة ناقد معناها من يستطيع التمييز بين ماهو جيد وماهو غير ذلك وهو شخص يستنبط مفاتح القوة للكاتب و مواضع ضعفه وكلمة ناقد من نقد ومعنى نقد تمحص الشيء وأبان جميله من قبيحه وكلمة ناقد على وزن فاعل و جمعها ناقدون و نقدة و نقاد ..
أما كلمة مبدع فمعناها صانع الشيء أو مكونه وتروح في صفة الإله إلى كلمة خالق أي إنشاء الشيء من العدم ميزانها الصرفي فيكون على اسم الزمان مفعل وأصلها من الفعل الثلاثي بدع أي ابتكر واختلق ..
أما عن العلاقة بين الناقد و المبدع فهي علاقة شائكة و شائقة على مدى الأزمان وذلك لتعدد المذاهب الأدبية و كذلك عمق الذوق العام ولكن السؤال المطروح هنا هل يجب أن تكون العلاقة بينهما ..
١- توافقية بحيث يبدي الناقد حسنات الكاتب أو الروائي و يغض بصره عن السيئات ويفتش عن مناقب الأدب و جماليته في النص و يطمس حقيقة اللغط في النحو و المعلومة ..
٢-أم تكون العلاقة بينهما عدائية فيبرز الناقد عضلاته وهو يمحص النص فلا يعفو عن هفوة الكاتب ولا عن زلة قلمه فتراه متشدد الأحكام حتى أنه يطفئ النور بوجه المبدع فلا تشتعل له بعدها نور ..
٣- أم يجب على الناقد أن يكون على دراية واسعة بأساليب الكتابة غير متزمت لمذهب بعينه فينتقد بوسطية الرأي و يحفز في الكاتب روح التفكر والإبحار في الخيال من خلال نقاشهما ليحفز فيه روح الإبداع الكامنة في طيات فكر يعوم على بحر الخيال ..
٤- والكلام هنا يخص الناقد وحده عليك أن تقرأ منتوج المبدع على أنه بضاعة و أنك لست اختصاصياً فتعتبر نفسك قارئاً عادياً و تقيس مدى تأثير هذا العمل في نفسك لأن ليس كل الناس نقاداً وإن سواد الشعب من القراء هم أناس عاديون في درجة العلم و ليسوا اختصاصيي لغة وتحكم على هذا العمل من خلال تفاعل روحك معه..
وفي نهاية المطاف يجب أن تكون العلاقة في المجال الثقافي ككل كخلية نحل متكاملة، رأي الجميع فيها مهم وأن يرفعوا سوية النقاش و التبادل الفكري كأساس تبنى عليه الثقافة فليس هناك إبداع بالمطلق لأن الثقافة موروث يكمل بعضه البعض أي أن الأفكار أساساً موجودة و المبدعون إنما يأتون لترتيب الأفكار بموهبة إلهية ننظر إليها بعين الدهشة و الذهول و علينا أن نلتفت لمسألة الإبداع و الخلق إنما هي عطاء رباني و ليس للعلم دخل فيه إنما العلم يغذي المعرفة فيها و يقويها..
و إن مهمة المبدع أن يثقف نفسه و يبحث عن هويته الإبداعية و يضع قدمه على الطريق الصحيح دون زلةٍ أو هفوةٍ منه ..
ومن خلال هذا الحديث نصل لنتيجة حتمية أنه لا انفصال بين الناقد و المبدع لأن النقد البناء يغذي قريحة المبدع فيجود بالخيرات الكامنة في روحه و عقله و يفتح أبواباً قد تكون غافية في سريرة المبدع وباختصار و إيجاز نقول إن العلاقة بينهما علاقة هدم و بناء لأنها تهدم ما هو ركيك و تقوم ببناء ما تخلده المكتبات كتحف فنية تتوارثها الأجيال.
*- النقد ومدارسه..وانزياحات هذه العملية واستطالاتها:
#- الناقد والأديب والطبيب زهير سعود. .
يذكر في هذا الخصوص:
يقتضي هذا سؤالكم.. تعريفاً بالناقد والمبدع والعلاقة التي تجمع بينهما، فالناقد هو بلا شك مبدع متمرّس بالفنّ الذي تناوله بالنقد ووضعت له أسس ومبادئ تعرٌف الفنّ وتجلي صورته، فقد أثبتت حقائق الحياة أن كلّ فن خاضع للدراسة والتصنيف، ونستطيع القول بكل ثقة بأن النقد هو سرّ ديمومة الفنّ وأصل انزياحاته، وقد قامت نظرية الأدب عند تومسن وصاحبه على وجهي عملة واحدة هما الأدب.
والنقد الأدبي، ولو عدنا بالتاريخ لأصل النقد فسوف نعرض لخيمة النابغة الذبياني، الشاعر الجاهلي في تقويمه لشعر عصره الجاهلي، وقبل ذلك أرسطو في كتابه الشعر.. لقد تطور مفهوم النقد حتى أصبحت له مدارس مختلفة الوجهة وأصبح علماً قائماً بذاته، فبدت الكلاسيكية والرومانسية ومدرسة الفن للفن والدادائية والسريالية والشكلانية والبنيوية ومذاهب الحداثة وما بعدها، وكل ذلك تطور على خاصرة الإبداع الأدبي، حتى بتنا نرى شخصيات أبدعت بالنقد ولم نعثر لها على منجز فنّي كما هو الحال لدى رولان بارت وجاك دريدا وغيرهم.
*- النص المكتمل لشروطه وحاجته للناقد..
بهذا عنونت الشاعرة نرجس عمران مساهمتها وتابعت:
لكي يكون النَّص الأدبيُّ جيدًا على أقل تقديرٍ، يحتاج إلى كاتبٍ متمكنٍ وناقد ٍموضوعيٍّ يراه بعين الشَّفافية والمهنيّة
وسويَّة العلاقة بين الكاتب سواءً كان شاعراً أو روائيّاً أو قصصيّاً أو غنائيًّا أو .. من جهة والنَّاقد من جهة أخرى
يحددها مقدار الوعيّ الفكريّ والهم ِّالأدبي ّلكليهما، فبمقدار ما يتسم كلٌّ منهما بالمصداقيّة في العطاء الفكري ّوالرَّغبة في النتاج الغنيّ المثمر إبداعاً، بمقدار مايكون الموضوعُ المتناولُ بينهما متكاملاً وناضجاً.
ببساطةٍ على الأديب أن يطرح فكرته بإسلوبٍ أدبيٍّ مراعيّاً كلَّ العناصر والأدوات الخاصة باللغة ومتانتها من جهة ٍومن جهة أخرى عليه محاكاة العقل والقلب معًا، كي تصل رسالته إلى غايتها على أتم وجه، ولكن تتفاوت بين كاتب وآخر سويّة هذه المعايير أو قد يتمكن الكاتب من بعضها ويتوه عن أخرى.
وهنا يأتي دور النَّاقد ليرى النَّص بعين الطبيب الذي سيكتشف كلَّ عطبٍ وارد في جسد الأدبي ّ ويشير إلى جمالياته، ليستفيد الكاتب بدوره من رؤى النَّاقد ويطبقها في كلِّ نصوصه، وهذا من شأنه جعل النَّص أكثر تكاملا ًوبلاغةً والكاتب أكثر إلماماً بالمحتوى الأدبيّ والفكريّ، والناقد أيضًا أكثر اطلاعاً.
فما يأتي به الأديب أيضًا يغني موسوعة النَّاقد الفكرية ويأخذه إلى عوالم جديدة لأن َّمن سمات الأديب الإلهام والإبداع، بمعنى الخَلق الفكري والثقافي.
إذاً العلاقة بينهما تبادليّة، كلٌّ منهما يثري المخزون الفكريّ الأدبيّ الثَّقافي للآخر.
أما أن توجد حالات من قبيل النَّقد للتقليل من الأهمية والانتقاص من شأن الأديب فهذه أساليب ملتويّة أصبحت مفهومة حتى من قبل أصغر القُّراء وبما أن للأدب ذاكرة تخزن وكلُّه سيرد في ذاكرة هذا الأديب أو النَّاقد.
لذلك من الواجب والأفضل جعل أيّ عطاء ٍ ينم عن خلق وثقافة معاً لأنًّه سيكون البنيان الذي يشار به إلى قائله.
*- العلاقة التشاركية بين الأديب والناقد..
وحول ذلك يتحدث الشاعر سهيل درويش قائلاً:
الأديب شاعراً كان أم كاتب قصة أو رواية أو مسرحية
له أدواته، العنصر الفكري والعنصر الوجداني العاطفي يكتب بوحي من الشعور و الإحساس الطاغي على الفكر في أغلب الأحيان؛ لأن جرعة الإحساس هي الأساس في العمل الأدبي و بخاصة في الشعر.
أما الناقد الأدبي، فيعمل على ضوء منهج واضح وهو غالباً نتاج فكر، فأسس النقد الأدبي قائمة على منهج هو الأداة الرئيسة التي يجب أن يمتلكها الناقد.
ومن هنا فإن السمة الأساسية للنقد الأدبي هي المنهجية، لكن مهمة الناقد هي مهمة حساسة و عميقة وهي مهمة استكشاف بواطن النص الأدبي و إلقاء الضوء على النص شكلاً و مضموناً.
و أهم سمة يجب أن يتحلى بها الناقد هي « الحيادية « فإذا استطاع الناقد أن يكون محايداً لا بد أن تكون علاقته بالأديب علاقة تفاعلية تشاركية تعاونية أساسها الصدق و الإنسانية.
*- النقد قراءة أغنى للنص..
المدرسة والمهتمة بالشأن الثقاقي أحلام الرفاعي:
إن قراءة أي نص أو رواية أو شعر…. هو إعادة كتابة للنص الأصلي….
والنقد هو قراءة أغنى للنص
فيرى القارىء فيها مقاصد الكاتب
ويلمح إلى مواقع الإبداع في النص…….
النقد هو قراءة إبداعية ثانية لأي نص
                           

العدد 1178 – 13 -2 -2024

آخر الأخبار
إعلان بغداد: الحفاظ على أمن واستقرار سوريا واحترام خيارات شعبها للمرة الأولى.. انتخابات غرفة سياحة اللاذقية ديمقراطية "الاتصالات " ترفع مستوى التنسيق  مع وسائل الإعلام لتعزيز المصداقية مياه " دمشق وريفها: لا صحة للفيديو المتداول حول فيضان نبع الفيجة  "موتكس" يعود كواجهة لمنتج النسيج السوري إطلاق الوكالة الأولى للسيارات الكهربائية بسوريا وتوريد أول 500 سيارة  ورشة العدالة الانتقالية توصي بتشكيل هيئة ومعاقبة المتورطين بالجرائم  "بطاطا من رحم الأرض السورية"..  مشروع وطني يعيد تشكيل الأمن الغذائي   مشاركون في قمة بغداد: مواصلة دعم سوريا ورفض أي اعتداءات  الوزير الشعار "يطمئن" على معمل الليرمون  بعثة طبية لـ"سامز" تستهدف عدة مستشفيات في سوريا الشيباني أمام قمة بغداد: سوريا لجميع السوريين ولا مكان فيها للتهميش أو الإقصاء البنك الدولي: سعداء بسداد متأخرات سوريا ومجال لإعادة التعامل  بمشاركة سوريا.. انطلاق أعمال القمة العربية الـ 34 في بغداد  ArabNews: فرصة تاريخية لانطلاقة إيجابية في بلاد الشام م. العش لـ"الثورة": قطاع التأمين سيشهد نقلة نوعية تطوير مهارات مقدمي الرعاية الاجتماعية في درعا   تحت إشراف مباشر من محافظ السويداء، عدد من طلبة السويداء يتوجّهون اليوم إلى جامعة "غباغب"..   كيف يواجه الأطفال تحديات التكيف بعد سنوات من اللجوء؟  استثناء الطلاب السوريين المتقدمين للشهادة اللبنانية من الحصول على الإقامة