الملحق الثقافي- ياسمين درويش:
النقد الأدبي بالمفهوم العام هو تقييم الإبداع وتفسيره، والحكم عليه في بعض الأحيان، فالعلاقة بين الناقد والأديب علاقة تفاعلية متبادلة، فكم من مبدع في مجال الأدب أو الشعر أو الفن التشكيلي تعرف إليه النقاد عن طريق مقالة نقدية تتناول نتاجه الإبداعي أو عن طريق كتاب نقدي يتناول محطات من مسيرته الإبداعية.
كما أن الناقد لن يجد مادة لإغناء كتبه ومقالاته لولا إبداع الأديب أو الفنان.
ولم يكن النقد الشعري الأدبي وليد العصر الحديث فهو قديم قدم أدبنا العربي، ففي العصر الجاهلي ظهرت بعض البيئات المناسبة لازدهار النقد الأدبي، كسوق عكاظ حيث كان الشعراء والشاعرات يجتمعون لإنشاد أشعارهم والتنافس فيما بينهم، وذلك من خلال الاحتكام لغيرهم من الشعراء لتقييم قصائدهم الشعرية.
وبدأ التأليف في النقد وتدوينه في العهد الأموي الذي عرف بعهد جمع العلوم والآداب وتدوينها.
وفي القرن العشرين بدأت الكتب الأدبية النقدية تظهر على الساحة الثقافية، ومن أهم أدباء النقد في القرن العشرين الدكتور محمد مندور.
وكذلك فإن الكثير من الأدباء ألفوا كتباً في مجال النقد إلى جانب نتاجهم الإبداعي مثل طه حسين وأدونيس و عبد الرحمن منيف وغيرهم.
والعلاقة بين المبدع والناقد لا تكون دائمًا بنفس الإيقاع، فلا يمكن للناقد أن يكون حياديًا دائماً، فعلى سبيل المثال تطابق وتماثل النظرة الإبداعية والمدرسة الفكرية ووجهات النظر في مختلف نواحي الإبداع بين الناقد والمبدع تدفع الناقد لا شعورياً إلى إظهار المناحي الإيجابية في النص الأدبي أو العمل السينمائي، فيتغافل عن السلبيات معتبرًا إياها هفوات لا أكثر، وعلى العكس من هذا فإن تنافر الأفكار ووجهات النظر الإبداعية بين الناقد والمبدع يدفع الناقد إلى تضخيم العيوب في العمل الفني أو الأدبي.
وأحياناً يضطر الناقد إلى مجاملة المبدع إذا كان المبدع أستاذًا له في إحدى مراحل حياته، أو إذا كان المبدع يحمل سجلاً حافلاً بالأعمال الناجحة في مجاله الإبداعي.
وربما بدافع الشفقة أو التشجيع يتناسى الناقد بعض هفوات المبدع إذا كان المبدع في بداية طريقه الأدبي أو الفني لئلا يكون سبباً في هدم طموحاته وتثبيط همته.
وهكذا فإن العلاقة بين الناقد والأديب أو الفنان التشكيلي علاقة إبداع متبادل فالناقد إنسان مثقف متذوق للفن والإبداع لديه نظرة عميقة وأسلوب جميل لإيصال الفكرة للمتلقي أو القارئ.
العدد 1178 – 13 -2 -2024