الملحق الثقافي- محمد خالد الخضر:
النقد من أهم الأجناس الأدبية والثقافية التي ترتكزعليها مؤهلات التطور والوجود الإبداعي، وهو فلسفة الأدب لأنه يذهب إلى جوهره ويفسر حقائقه التي ينطوي عليها. والنقد هو دراسة الأساليب وتمييزها، أي معرفة منحى الأديب وطريقته في التأليف والتعبير والتفكير …هذا التفسير العام والمألوف يحتاج إلى وجود موهبة في جنس أدبي يضيفه لها صاحبها ثقافة ومعرفة تجعله قادراً على تفسير وتمييز الأفكار ووجود الرؤى والتشكيلات الفنية والإبداعية .
ولابدّ من معرفة المعنى المنهجي والتطبيقي للنقد ،فهو الذي يبين صحة وجمال النص الإبداعي شرط أن يقدّم البنيات والأسس التي تمكنه من الدفاع عن منظومته التي قدّم من خلالها رؤاه ،أو عكس ذلك في تقديم ما يدين نص أو يشير إلى أنه نص غير إبداعي .. وهكذا يكون سبيل النقد في الاتجاه الصحيح وأهم ما يطلب من صاحب أن يكون قد امتلك موهبة تضاف إليها ثقافات ومعارف بما يتحدث ويذهب إليه .. وإلا النقد يبقى عبارة عن تسميات يطلقها أصحاب مصالح يخربون الثقافة الوطنية .
وفي هذا السياق لا يعني أن يمتلك أستاذ في الجامعة ميزة النقد وإن كان يحمل شهادة في اتجاه نقدي أو أدبي يؤدي دخوله إلى النقد كوارث لا حصر له كما يحدث على الساحة في الواقع الثقافي ،وعلى سبيل المثال حضرت أمسية قدم فيها مداخلة رجل يحمل دكتوراه في النقد فكسروزن العروض لأبيات قرأها وعندما ضحكت وكان بقربي رئيس فرع اتحاد كتاب سألته ماذا يفعل هذا قال : دائما هكذا .. وهذا المسمى بالنقد يشارك بالتحكيم وغير ذلك .. ومثله كثيرون ، وأذكر أن ناقداً منتشراً كان يقدم فعالية ثقافية قرأ في المقدمة نصاً لنزار قباني من أشهر نصوصه .. فلم يقرأ بيتاً سليماً في النحو والعروض .. قلت للمرأة القائمة على ذلك ما هذا قالت : أتينا به لسمعته وهذه مفاجأة مع الأسف .
ومثل ذلك يتكرر في مجالات متنوعة ومع الأسف الذكورأغلبهم لا يقولون للنساء لا فظهرت مجموعة من النساء بعل مقرف لا تفرق بين الأدب وعكسه وتظن الوصول إلى المنبر هو الثقافة بعينها . . في الوقت الذي أصبح الوصول له بسيطاً جداً عكس الماضي .
ولقد نشر في الأعوام التي دنستها الحرب والإرهاب كتب كثيرة لا علاقة لها بجنس أدبي ومنها جمعت على يد ما يسمون بالنقاد .. وكون هذه التسمية صارت مثيرة للعواطف ومؤمنة لقدر كبير من المصالح .. أصبح الباحثون أغلبهم أيضاً يمتهنونها، فيقدم الباحث نفسه على أنه ناقد ويحقق كماً من العلاقات العاطفية والاجتماعية استجابة لمصالح مختلفة ، وهذا ما خرب كثيراًفي الوسط الثقافي والأدبي والاجتماعي بشكل عام .
ولابدّ للنقد من أخذه دوره وقطع الطريق على الأدعياء المخربين وهذا يتطلب بداية أن يضيف الموهوب معرفة وثقافة إلى موهبة معينة، فليس صحيحاً أن ينقد الشعر دكتور بالأدب وهو غير قادرعلى معرفة ( مستفعلن ) أين تكون وليس معقولاً أن يكون أي شخص في لجنة انتقاء نصوص أدبية وهو لا يعرف عدد بحور الشعر ولا يفرق بين الهمزة والغمزة .
وفي النتيجة النقد هو أكبر مسؤوليات الثقافة على عدد اختصاصاته فلابدّ من الإغناء واحترام الذي والتربية النقدية الصحيحة لقول الحق وإلا النقد غير ذلك خيانة ثقافية ووطنية .
العدد 1178 – 13 -2 -2024