لإشباع الأنا وتنمرها.. أم لعقل وقلب قارئها؟!

هفاف ميهوب
في كتابه “لماذا أكتب”؟!. يشير الأديب الانكليزي “جورج أورويل” إلى أن أكثر ما يدفعه للكتابة، هو وجود كذبة ما، يريد أن يفضحها ويكشفها، لتكون الدوافع الذاتية والموضوعية لدى جميع الكتّاب برأيه، رغبة الكاتب في الشهرة التي تلازمه حتى بعد وفاته، والبحث عن الجمال والمتعة الناجمين عن الأثر الذي يتركه إيقاع اللغة، وأيضاً، شغف الإنسان الدائم لاكتشاف الحقيقة والدفاع عنها، وتوثيقها للأجيال القادمة.
حتماً تختلف دوافع الكتابة لدى الكتّاب، وحسب شخصية كلّ منهم، وظروفه وميوله وأسبابه، لتكون غايتهم بالنهاية، إما تقديم رسالة إنسانية، أو بحثاً عن جدوى للعزلة، وربّما بحثاً عن عالمٍ أجمل، وقد يكون الأمر لدى البعض، بدافع حبّ الظهورٍ والأنانية..
إنها الأنانية التي دفعت الكاتبة الأميركية “جوان ديديون” للاعتراف: “أكتب لأعرف ما أفكّر به، وما أنظر إليه، وما أراه وما يعنيه كلّ ذلك”..
إذاً، هي تكتب خدمةً لأناها، وتفرض تسلّط هذه الأنا على القارئ، عبر كلماتٍ أشارت إلى أنها تمارس بوضعها على الورق، أسلوب المتنمّر السرّي، بل الاحتلال الذي تفرض فيه عقلية الكاتب، على أكثر المساحات خصوصيّة لدى القارئ..
نعم، هو فعل أناني، ولا يدلّ فقط على رغبتها بحبّ الظهور والتعالي على قارئها، بل أيضاً، عن فعلٍ سلبي وعدواني، كانت من دلّت عليه، عندما أكّدت بأن هدف الكتابة وغايتها:
“الكتابة هي فعل أن تقول أنا.. أن يفرض المرء نفسه على الآخرين، وأن يقول: استمعوا إليّ.. انظروا إلى الأمر بطريقتي. غيّروا آراءكم.. إنها ممارسة عدوانيّة، وعنيفة أيضاً”..
لا نقول هنا،إن كلّ كاتب يستطيع فرض هذه الأنا على قارئه، فلكلّ كاتبٍ شخصيّته وغايته، وقد يجذبا القارئ أو ينفّرانه، ولا أعرف مقدار تأثير هذا التصريح السلبي لـ”ديديون” على قارئها، ولكن أعرف أن تأثير كلمات أديبة الواقعية السحرية، التشيلية “إيزابيل الليندي” كان كبيراً وجاذباً لأعمالها، فها هي وفي أكثر من حوارٍ ومقال، تقول عن دافع الكتابة لديها:
“إنه هاجس، فكلّ قصة هي بذرة في داخلي، تنمو وتنمو مثل ورم، ويجب عليّ أن أتعامل معها فوراً..
عندما أبدأ بالكتابة، لا أملك أدنى فكرة إلى أين سأذهب.. أنا فقط أعرف بأنني أريد ـ بشكلٍ رقيقٍ وخفي ـ أن أوقع تأثيراً على قلب القارئ وعقله..”
لم تكتب “الليندي” لهذا فقط، بل لأنها تشعر بأنها قد تموت إن لم تفعل، وهو ما حصل لها عندما كانت ابنتها “باولا” في غيبوبة. ذلك أنها خشيت من جفافِ دواخلها، فسارعت للكتابة والدموع تنهمر من عينيها، وأعلنت يومها بأن عزاءها كان في ردود القرّاء السريعة، التي أشعرتها بأن ابنتها حيّة.
بكلّ الأحوال، من الجميل أن نقرأ الدوافع التي تجعل كلّ كاتبٍ، يرصّع الورق بكلماته، والعالم بإبداعاته.. من الجميل أن نجد من يكتب، كما كُثر من مبدعي العالم، ولكن، ليس لتضخيم الأنا وإشباع الأنانية، وإنما لأسبابٍ عديدة، أهمها الارتقاء بالحياة والإنسانية.
نعود هنا لنذكّر، بأن “أورويل” كان إنسانيّاً ومهتمّاً بقارئه، بل ومنطقيّاً عندما اعترف أن غايته من كتابته:
“أكتب لرغبةٍ منّي بأن أكون ذكيّاً، ولإدراك الجمال في الخارج.. أكتب لكي أرى الأشياء كما هي، ولتغيير بعض الأفكار السائدة في العالم.. ببساطة، الروائي الذي لا يُلقي بالاً، للأحداث العامة الرئيسية للحظة الراهنة، هو بشكلٍ عام، إمّا عابث أو أحمق جليّ”.

آخر الأخبار
مسؤولان أوروبيان: سوريا تسير نحو مستقبل مشرق وتستحق الدعم الرئيس الشرع يكسر "الصور النمطية" ويعيد صياغة دور المرأة هولندا.. جدل سياسي حول عودة اللاجئين السوريين في ذكرى الرحيل .. "عبد الباسط الساروت" صوت الثورة وروحها الخالدة قوات الاحتلال الإسرائيلي تواصل خرقها اتفاق فصل القوات 1974 "رحمة بلا حدود " توزع لحوم الأضاحي على جرحى الثورة بدرعا خريطة طريق تركية  لتعزيز العلاقات الاقتصادية مع سوريا قاصِرون خلف دخان الأراكيل.. كيف دمّر نظام الأسد جيلاً كاملاً ..؟ أطفال بلا أثر.. وول ستريت جورنال تكشف خيوط خطف الآلاف في سوريا الأضحية... شعيرة تعبّدية ورسالة تكافل اجتماعي العيد في سوريا... طقوس ثابتة في وجه التحديات زيادة حوادث السير يُحرك الجهات الأمنية.. دعوات للتشدد وتوعية مجتمعية شاملة مبادرة ترفيهية لرسم البسمة على وجوه نحو 2000 طفل يتيم ذكريات العيد الجميلة في ريف صافيتا تعرض عمال اتصالات طرطوس لحادث انزلاق التربة أثناء عملهم مكافحة زهرة النيل في حماة سوريا والسعودية نحو شراكة اقتصادية أوسع  بمرحلة إعادة الإعمار ماذا يعني" فتح حساب مراسلة "في قطر؟ أراجيح الطفولة.. بين شهقة أم وفقدان أب الشرع في لقاء مع طلاب الجامعات والثانوية: الشباب عماد الإعمار