لميس علي
يقول جاك لاكان: (رغبة الإنسان هي رغبة الآخر. أي الرغبة تمثل رغبةً في رغبة الآخر)..
كأن معنى الرغبة في قول “لاكان” السابق ينتهي إلى معنى الحبّ.. أو الرغبة في حبّ الآخر.. وربما كانت تعني الحبّ الجسدي.
بعيداً عن إلحاقها بمفهوم الحبّ على اتساعه، ماذا عن رغباتنا التي تشكّل دافع القوة وراء الكثير من أفعالنا..؟
فألذ تلك الأفعال وأكثرها استدامة في ذاكرتنا ما كان ناجماً عن رغبة حقيقية غير مزيفة.
كيف نميز بين الحقيقي الأصيل والمزيف منها..؟
وماذا عن الرغبات تلك المخبأة والتي موّهتها الكثير من انشغالاتنا…
من أجمل معاني الرغبة ما عبر عنه سبينوزا من كونها “قوة”..
إن تمتلك الرغبة في شيء يعني أن تمتلك القوة والشجاعة لتحصيله، وتحقيقه، وبالتالي الرغبة/الرغبات شرط ضروري لعيش خبرات وتجارب حياتية حقيقية، لأنها محرّك دفع.. يحفّز المرء ويشحذ كلّ طاقاته.
بعض الفلاسفة ناقشوا كون الرغبة قد تعني (اللذة)، فكان ذلك الاختلاف/ الخلاف ما بين “جيل دولوز” و”ميشيل فوكو”.
يقول دولوز: “لا يمكنني أن أعطي أي قيمة للذة… الرغبة لا ينقصها أي شيء، وتتجنّب بشكل كبير اللّذات التي تأتي لتوقف سيرورتها… تبدو لي اللذة الوسيلة الوحيدة للشخص والذات كي تجد نفسها في سيرورة ترهقها).
لدى “دولوز” الرغبة (إيجابية) لا تدل على نقص، ومن يجعلها مرتبطة بالحاجة والنقص يردّها إلى معنى “اللذة”، كما تصوّرها فوكو.
هي حالة بنائية، حيوية، بنظر “دولوز”، امتلاء.. و”فضيلة تُمنح”..
وفق ذلك، رغباتنا فضائل تُمنح لنا أو نمنحها نحن.
هل يعيدنا قول “دولوز” إلى ما ذكره “لاكان”: (الرغبة تمثل رغبة في رغبة الآخر)..؟
يمكن قراءة شيء من تقاطع بين الفهمين، إذا حدّدنا معنى الرغبة وجعلناها تختص، حينها، بالحبّ..
وربما تخطّتْ ذلك، نمتْ، تحركتْ، أصبحت، فعلاً، حالة بنائية حركية.. فتنتقل رغباتنا إلى الاخرين أو نتلقاها نحن منهم.. ولا يتنافى الأمر في حال كونها ذاتية أصيلة، عموماً.
تنتقل الرغبات.. لأن الرغبة حركة، وبذات الوقت هي فضيلة إذاً هي :”فضيلة متحركة” تنتقل ما بين القادرين على صيدها.
فضيلة.. حركية.. وحالة امتلاء.. عن كلّ ذلك يذكر”دولوز”: (أتعرفون كم هي بسيطة الرغبة؟ النوم رغبة، التفسّح رغبة، والإنصات إلى الموسيقا أو إنتاج الموسيقا أو ممارسة الكتابة كلّ هذه الأمور رغبات. الربيع أو الشتاء رغبات، الشيخوخة أيضاً رغبة، والموت ذاته رغبة. لا توجد الرغبة أبداً من أجل تأويلها، إنها هي التي تُجرّب”.
