“الديلفري” والتنمية

الثورة – محمود ديبو:
على أهمية ما طرح من أفكار وما دار من نقاشات وما تم التوصل إليه من توصيات ومخرجات في عدد من ورشات العمل والملتقيات الحوارية التي تحدثت عن سوق العمل والتشغيل والأجور، إلا أن واقع الحال اليوم يظهر جملة من الانحرافات والتحولات الطارئة على شكل وماهية سوق العمل والمستلزمات الضرورية للولوج إليه والاستحواذ على فرصة قد لا تتناسب مع الإمكانات والمؤهلات والمهارات لكل باحث عن عمل.
فاليوم لم تعد الخبرة ولا الكفاءة ولا حتى الشهادات العلمية هي المعيار الأول في الحصول على عمل ضمن المعطيات الحالية خاصة وأن الوظيفة العامة لم تعد تشكل طموحاً أو لنقل لم تعد هي الأفضلية الأولى ضمن سلم أفضليات الباحث عن عمل بالنظر إلى عوامل كثيرة منها انخفاض الأجر وآليات التوظيف (مسابقات، عقود) إلى جانب التأخر في تطوير التشريعات التي لم تعد تتناسب مع الواقع الحالي وخاصة قانون العاملين الموحد، ولنا في قرار التريث بصرف الحوافز للعاملين خير مثال على ذلك وعلى تراجع معدلات الثقة بإنجاز الكثير من الوعود وتطبيق القرارات والمراسيم التي هدفت إلى تحسين مستوى الوظيفة العامة وتالياً تحسين المستوى المعيشي للعاملين في الدولة.
من جهة ثانية وفي إطار حديثنا عن الانحرافات التي طرأت على سوق العمل نجد أن النكسات التي تعرض لها القطاع الخاص (الصناعي والتجاري والسياحي والخدمي) ساهمت في تراجع الطلب على اليد العاملة الخبيرة والمؤهلة وذات الكفاءة إلى الحدود الدنيا والتوجه للاعتماد على عمالة غير ماهرة في تشغيل المنشآت، وأكثر ما نلاحظ ذلك في القطاع السياحي الذي نجد فيه من يكتفي بعدد قليل من الخبرات يعتمد عليها في الإدارة والإشراف مقابل أعداد أكبر من العاملين العاديين، وقد يعود هذا لأسباب عدة منها انخفاض الأجور من جهة وعدم قبول الخريجين وأصحاب الكفاءات والمهارات العمل بأجور لا تتناسب مع امكانياتهم والبحث عن فرص عمل مجدية في أسواق العمل الخارجية.
وليس الحال بأفضل منه في القطاع الصناعي والإنتاجي والحرفي الذي يفتقر لليد العملة الماهرة والخبيرة..
كذلك الزراعة لم يعد العمل فيها يغري الكثير من أصحاب الأراضي ومربي الثروة الحيوانية بعد سلسلة الخسارات الكبيرة التي لحقت بهم جراء ارتفاع تكاليف الإنتاج الزراعي إلى حدود غير معقولة وعدم التعويض المجزي للمتضررين منهم الذين تعرضت مشاريعهم الزراعية لأضرار جراء الظروف المناخية (صقيع، تنين بحري، آفات، فيضانات ..)..
ليتبين لنا بعد كل هذا أن أياً من القرارات الحكومية غير المناسبة أو التأخر في اتخاذ الإجراءات الضرورية لمواجهة مشكلة ما، من شأنه أن يقلل فرص العمل المتاحة والمعروضة في سوق العمل، وبالتالي تراجع الطلب على اليد العاملة والنتيجة زيادة في حجم البطالة والعطالة  وهذا بالنهاية يبطئ عجلة الإنتاج ويحدث تشوهات بنيوية وهيكلية في مختلف القطاعات، ويفوت الفرصة للاستفادة من الخبرات العلمية والمهنية المحلية..
وبالفعل فاليوم نجد العديد من الأعمال التي ظهرت على تخوم هذا الواقع والتي جاءت كبدائل فرضت نفسها كخيار وحيد على مبدأ (ليس بالإمكان أفضل مما هو كائن)، ومنها على سبيل المثال اللجوء إلى تجارة المواد المدعومة كالخبز والمشتقات النفطية والزيت النباتي، إضافة لانتشار واسع وكثيف للبسطات على تنوع معروضاتها لتكون فرصة عمل بديلة الهدف منها توليد الدخل،
أيضاً وبالتزامن مع فقدان فرص العمل الحقيقية التي تتناسب مع الكثير من الخبرات والكفاءات العلمية والمهنية العاطلة عن العمل، شهدنا ظهور أعمال في شركات تقدم خدمة النقل عبر تطبيق الكتروني على الهاتف الخلوي، وشركات تقديم الخدمات اللوجستية وتأمين المنشآت، كذلك (الديلفري) ومهنة توصيل الطلبات على الدراجات النارية أو الكهربائية وأحياناً الهوائية، ومندوبي المبيعات والتسويق لمنتجات متنوعة.. والعمل في المطاعم والفنادق بمجالات لاتتطلب الخبرة كالتنظيف وحمل الأمتعة والحقائب وغيرها.
وهذه أعمال، على ضرورتها فإنها لاتساهم لوحدها في تحقيق التنمية الاقتصادية والمجتمعية لكونها أعمالاً خدمية غير إنتاجية، وربما هي أعمال طارئة ومؤقتة، في وقت نجد أن نسبة ليست قليلة ممن يعمل في تلك المجالات هم إما طلاب جامعات باختصاصات مختلفة، أو حتى أصحاب شهادات عليا متنوعة وخبرات مهنية مختلفة، لكن للضرورة أحكام، وقد حكمت الضرورة على هؤلاء للقبول بأي فرصة عمل يحصلون من خلالها على دخل يقيهم شر العوز والحاجة..
إن معالجة النتائج الناجمة عن التحولات التي طرأت على سوق العمل تحتاج إلى حلول شاملة في جميع القطاعات تطال مختلف المشكلات القانونية والإدارية والتشريعية، ومنها التشريعات الناظمة للعلاقة ما بين العامل وصاحب العمل سواء كان حكومة أو قطاع خاص، ويتطلب شكل أداء مختلف في الاستجابة للصعوبات التي أزمنت وباتت تشكل عقبة حقيقية في وجه أي تقدم منشود.

آخر الأخبار
كهرباء ريف دمشق: صيانات وتركيب تجهيزات جديدة وحملات لإزالة التعديات    القبض على شبكة مخدرات وعصابة سرقة أموال وسيارات      استبدال خط "سادكوب" لتحسين ضخ المياه وتقليل الفاقد بحماة   "مكتب الاستدامة" تجربة رائدة في بناء قدرات الطلاب ودعم البحث العلمي  تكريم كوادر مستشفى الجولان   عودة ألف تاجر حلبي منذ التحرير ... "تجارة حلب": رفع العقوبات يعيد سوريا إلى الاقتصاد العالمي فعاليات من حلب لـ"الثورة": رفع العقوبات تحول جذري في الاقتصاد مجموعة ضخ أفقية لمشروع بيت الوادي في الدريكيش  رسالة للصين.. تايوان تختبر نظام  HIMARS الصاروخي الأمريكي لأول مرة   DW:  سوريا مستعدة لازدهار الاستثمار مع رفع العقوبات الأمريكية خبير مصرفي لـ"الثورة": تعافٍ اقتصادي شامل يوم السوريين الجميل...ترامب: ملتزمون بالوقوف إلى جانب سوريا.. الشرع: سنمضي بثقة نحو المستقبل  عصب الحياة في خطر ....  شبح العطش يهدد دمشق وريفها.. والمؤسسة تحذر..درويش لـ"الثورة": 550 ألف م3 حا... أساتذة وطلاب جامعات لـ"الثورة": رفع العقوبات انتصار لإرادة سوريا رحبت برفع العقوبات عن سوريا... القمة الخليجية الأمريكية: صفحة جديدة نحو النمو والازدهار الدكتور الشاهر لـ"الثورة": رفع العقوبات عن سوريا يعكس الثقة بالإدارة الجديدة رفع العقوبات.. الطريق إلى التعافي شركات خاصة لتوزيع الكهرباء..وزير الطاقة : الأمور نحو الأفضل و٦ ملايين م٣ غاز تركي يومياً   بعد رفع العقوبات.. خبراء ورجال أعمال لـ"الثورة": القادم أجمل  لبناء سوريا.. الوقوف صفاً واحداً ويداً... فلا خاسر مع القراءة ....  2694 طالباً وطالبة في تصفيات مبادرة تحدي القراءة العربي