بعد مضي خمس سنوات على اعتماد السابع عشر من شباط من كلّ عام يوماً للإدارة المحلية في بلدنا، لم نشهد هذا العام أي مظاهر لاحتفال المجالس المحلية بهذا اليوم بخلاف السنوات الماضية التي كانت تحتفي به عبر حملات نظافة وخدمات مختلفة ،وعبر لقاءات واجتماعات وخطابات وتكريم عدد من عمالها ورؤسائها.
ودون البحث في أسباب ذلك ولاسيما أننا قلنا سابقاً أنه لأمر جميل أن تتحرك مجالسنا المحلية وتحيي يوم المجالس المحلية بإقامة حملات نظافة وخدمات في قطاعاتها، لكن الأجمل أن تستمر حملاتها هذه كل أيام السنة وليس ليوم واحد تقول فيه نحن هنا، ونعمل ما بوسعنا عمله لصالح قطاعاتنا وسكانها- لا بدّ من السؤال مجدداً بهذه المناسبة هل واقع هذه المجالس وما تقدمه من خدمات وما تقوم به من أعمال ضمن اختصاصها يرضي مجتماعاتها من كل الجوانب، أم أن الهوة بينها وبين السكان ما زالت قائمة، والثقة ما زالت معدومة أو شبه معدومة؟ ومن ثم ما زال التقصير والترهل والفساد هو ما يحكم عمل معظم هذه المجالس لأسباب مختلفة؟
إذا أردت الإجابة على هذه الأسئلة من خلال معرفتي ومتابعتي والشكاوى التي تصلني من مواطنين كُثر بحق العديد من الوحدات الإدارية ومجالسها في محافظة طرطوس -على سبيل المثال- يمكنني القول مجدداً إن مجالسنا المحلية ووحداتنا الإدارية والعلاقة بينها وبين المواطنين وبينها وبين السلطات المركزية ليست بخير، وأن تطبيقها لما ينصّ عليه قانون الإدارة المحلية النافذ ما زال ضعيفاً، وثقة الناس بأداء معظم القائمين عليها من إداريين ومهندسين وفنيين ما زالت أقل مما يجب بكثير، 0
وإمكاناتها وممارستها لصلاحياتها أقل من المطلوب بأكثر من الكثير لأسباب ذاتية أكثر منها موضوعية، واستثمارها للإمكانات المتاحة سيئ والخلافات فيما بين أعضائها بحثاً عن المصالح والمنافع الشخصية -خاصة في المدن- كبير..إلخ
طبعاً ما ذكرناه وغيره انعكس سلباً على واقع النظافة والخدمات المختلفة والمشاريع التنموية المطلوبة في قطاع كل وحدة إدارية ومطالب المواطنين وأدى إلى تعثر تحقيق الأهداف التي صدر قانون الإدارة المحلية من أجلها، وتدارك هذا الخلل وإيجاد معالجات لهذا الواقع يتطلب تفعيل عمل ودور الإدارة المحلية والتفعيل الذي نقصده لن يحصل بالتصريحات والتمنيات ومحاولة زيادة الجبايات، إنما يحتاج لكوادر حريصة ومؤهلة تعمل بآليات عمل ومتابعة جديدة وجادة، من شأنها تحقيق أهداف القانون تباعاً وتنفيذ ما وجه به السيد الرئيس بشار الأسد في الكلمة التي ألقاها خلال استقبال سيادته لرؤساء المجالس المحلية في السابع عشر من شهر شباط 2019، فقد تبين من خلال قراءة متأنية لما يهدف إليه القانون ولما وجه به السيد الرئيس أن مجالسنا المحلية والمشرفين عليها ما زالوا بعيدين جداً عن التنفيذ المطلوب، ومن يشكك في ذلك يمكنه العودة للقانون والكلمة..
كما يحتاج لتفعيل دور المجلس الأعلى للإدارة المحلية المعطّل حتى الآن إلى حد كبير خلافاً لما ينصّ عليه القانون الذي أعطاه صلاحيات عديدة ومهمة لم تمارس كما يجب لأسباب غير مبررة برأينا.