ندوة بمكتبة الأسد حول “الهوية والانتماء”.. الوزيرة مشوح: العروبة بحالتها الحضارية تجمع كلَّ أبناء الوطن
الثورة – متابعة رفاه الدروبي:
انعقدت اليوم ندوة بحضور وزيرة الثقافة الدكتورة لبانة مشوح عنوانها “الانتماء والهوية” شارك فيها المُفكِّر المغربي إدريس الهاني ونائب رئيس جمعية البندقية للصداقة العربية الإيطالية ومسؤولة التعاون الدولي الثقافي الدكتورة سناء شامي والمغنية الأوبرالية البولونية دومينيكا زامارا ومنسِّق أعمال الجمعية الدكتور غزوان رمضان في مكتبة الأسد الوطنية.
وزيرة الثقافة الدكتورة لبانة مشوح أشارت إلى غياب الفلاسفة وقادة الرأي في أوروبا، فذهب عهد هيغل وديكارت وروَّاد الفكر الثوري الإنساني؛ وبدأنا عصر التبعية المطلقة لإله نصَّبوه ساستها عليهم. إنه أميركا حيث أخضعوا شعوبهم وأفقروها. وأصبح قادة الحرية والفكر العالمي مع قيادة التبعية العالمية.
كما بيَّنت وزيرة الثقافة أنَّ هناك خلطاً لدى البعض بين مفهوم الهوية والعرق، فعندما نتحدَّث عن هويتنا العربية السورية لا نتناول جذورنا العرقية.
وقالت إنَّ العيش في وطن واحد يكون إرثاً تاريخياً حضارياً نعيش اللحظة الآنيَّة. نبني مستقبلاً لأجيال قادمة. إنَّه انتماؤنا وهويتنا فاللغة والموسيقا والتراث المادي واللامادي كلها أحد مكوِّنات الهوية؛ أما العرق فلا أحد يُقيم له وزناً. لا نسأل عن العرق، ومجرَّد التحدُّث عن العروبة يكون بمعناها الشامل بحالتها الحضارية تجمع كلَّ أبناء الوطن، وتكون الهوية لمن لديهم الإرادة وحملها الهوية والموقف للدفاع عن الوطن.
المفكر المغربي إدريس الهاني رأى بأنَّ الهوية في وضعها الشخصي أو الجماعي لايمكننا الخروج منها باعتبارها تخدم المفاهيم؛ والتكنولوجيا الحديثة تهديد للهويات ومحاولة لإعادة تشكيل الإنسان، ولكن هناك الإنسان كخلية نائمة، وما إن يصطدم بالواقع حتى يعود ويعيد إنتاج الموقف باعتباره إنساناً، فالهوية إرادة ووعي ومهما حاولوا تقويض الوعي سيعود مع الأجيال الجديدة لأنَّ الهوية كالبصمة لايمكن محوها. ممكن أن يعتبروها طبقات من الغبار لكنها تعود ويمكن رؤيتها بأشكال وأنواع من الصمود.
وأضاف كنا نعتقد أنَّ أجيالاً انتهت ولكن الهوية قضية لم يصنعها الغرب بل مسألة إنسانية ووجودية، والإنسان حينما يصل إلى طريق مسدود يصبح لديه قلق وجودي يُعيد علاقته مع الوجود ويُشكِّل ماهيته من جديد، ولايمكن أن يُنهي العالم، مشيراً إلى أنَّ الهوية وجود وانتماء ومسؤولية في وضعها الشخصي أو الجماعي لايمكننا الخروج من فتنة المنهاج الخادمة للمفاهيم، لافتاً إلى أن الغرب يريدوننا حداثويين ولكن برسم الهامش.
بدورها الدكتورة سناء شامي رأت بأنَّ أوروبا لم تعرف في تاريخها معرفة منفصلة عن مفهوم قوة النفوذ والعنف، والمعرفة كغاية بحد ذاتها تبقى صالحة كنظرية فقط. صنعت أوروبا عالماً جديداً وتريده أن يكون مفتوحاً في أيامنا الراهنة. عالماً مختلفاً عن العالم المحبوس ضمن سور. عالم إمكانات لا حصر لها من العلوم والفلسفة وقوة العقل القادرين على فرض السيطرة وتغيير طبيعة الأشياء، رافعة مبادئ الحرية. نثرتها في عصر التنوير، لافتةً إلى أنَّ الحرية مرتبطة بالتصنيع. صناعة عالم جديد يتطلب تحرير الفرد والعلوم فنرى أغلب رجال الفكر الأوروبيين يُركّزون على كلمة علوم يعني: “السياسة، الاجتماع، الفلسفة، الرياضيات”، والنتيجة الانفلات من أية قيود. فالعلوم والحرية يُشكِّلان نظاماً قوياً يسمح لهم بتطوير غير محدود كما يسمح للفرد بأن يكون السيد الأول بما يصنع فيصبح الإله.
الدكتور جورج جبور أكَّد على أنَّهم عندما يتناولون الانتماء في حق شعب من الشعوب وتاريخه في عقده الاجتماعي المنصوص عليه أصلاً في الدساتير والقوانين؛ لكن عندما نتحدَّث عن الهوية والانتماء في القاع الاجتماعي وبين الأكثرية الساحقة من الناس نجد أن هناك نوعاً من الطرح يقترب من الشوفينية، وعندما نتكلَّم عن الأمة العربية كأننا نقول: أنا القديم وأنتم المحدثون، والوثائق تؤكد أن جميع العرب ينحدر ن من أصل واحد بالهوية والشعور والانتماء المتميزة عن بقية الشعوب لكن يجب عدم مواجهة الناس بمنطلق عروبي بمعنى التفوق عليهم؛ وإنما من منطلق قدرتنا على المشاركة في صناعة حضارة ظهرت في أوقات متفرقة.