الثورة – يمن سليمان عباس:
دائماً في المحن والشدائد التي تحل بنا نكتشف جوهر الآخرين من الأقرباء والأصدقاء وغيرهم.. ونعرف أن القيم الإنسانية التي نشأنا عليها لا تزال الجوهر الذي يزداد بريقا وقوة ويعطي الدافعية لتقديم كل شيء.
هذا يقين وحقيقة أن السوريين يدخرون الكثير الكثير من الإنسانية ولا يبخلون بها حين تقتضي الحاجة، صحيح أننا نرى غباراً يغطي بعضها، لكنه زائف وزائل أمام الجوهر الذي يتدفق بكل قوة فور الحاجة إليه.
في المستشفى الوطني بجبلة حيث الجميع خلية نحل تعمل من دون كلل، أتيح لي أن أقضي أربعة أيام مع (حماتي) التي تجاوزت التسعين من العمر.. إلى جوار سريرها سيدة أخرى ترافقها (زوجة أخيها) تبذل كل جهد للعناية بها، أم أمين السيدة الحلبية الأصل، والإقامة جبلاوية، اختزلت واختزنت كل معادن الأصالة والطيبة كما غيرها لكنها شعلة تفان وعمل لم تدع سيدة مريضة إلا وقامت بمساعدتها، تبتسم لهذه وتلك توزع ما لديها تساعد في ارتداء لباس العمليات، تسهر الليل كله ليس على مريضتها فقط إنما على كل من في الغرفة.. تذهب إلى منزلها القريب تستريح ساعات وتعود ومعها المشروبات الساخنة تطلق عبارات الاطمئنان للجميع وتعمل حلقة وصل مع كل الأطراف الطبية في المستشفى.
أم آمين مثال المرأة السورية التي تدير كل شيء بدقة تخرج من الضعف قوة وتزرع بذور الأمل.. إنها واحدة من ملايين السوريين الذين يعملون بروح العطاء والقوة.. ما أحوجنا أن نبحث دائماً وأبداً عن مكان العطاء فهي موجودة في قلب كل سوري ولا تحتاج عناءً كبيراً لتظهر..إنها بذرة زرعها السوريون تنمو وتنمو.