أمين الساطي وأدب الأطفال

الملحق الثقافي- أيمن المراد:
إن الكتابة للطفل عامل مغذّ لحاجات الطفل السيكولوجية، وهي تنمّي قدراته الانفعالية، وترقى بمستواه المعرفي ومهاراته اللغوية كتابةً وقراءةً، إضافةً إلى أنها تنمي خياله الواقعي والعلمي بشكل عام، فالكاتب حين يكتب للطفل عن أي مجال من المجالات يجب أن يكون ملمّاً به، ومدركاً لتأثيرات ما يكتبه عن الطفل، مع إيمانه بضرورة بثّ الأمل وتنمية الحس الوطني والانتماء للوطن، وأن يعيش بقلب طفل حين يبتكر الفكرة، ويحدد الهدف من القصة وفقاً للفئة العمرية التي يتوجه إليها، حيث إن لكل مرحلة أسلوباً ولغة وإخراجاً مختلفاً مع الإشارة إلى أن معظم الكتّاب الكبار جربوا في مرحلة ما إن يكتبوا للطفل، لكنهم توقفوا لأن الكتابة للطفل هي السهل الممتنع، لكنها كالسير فوق حقل ألغام، يتطلب الحذر الشديد، وأهم ما تحتاجه هو أن تكون روح الكاتب روح طفل، وأن يمتلك كلّ مؤهلات الأديب الحقيقي من إبداع ولغة وخيال وثقافة،إضافة إلى ضرورة إطلاعه على علم النفس والتربية، وأن يكون مثالاً حقيقياً لهذا الطفل في شخصه وسلوكه، فعندما نكتب للطفل يجب أن ندرك أننا نكتب لرجل المستقبل دون توجيه مباشر وإلا فسوف نغرق في المواعظ لأن طفل هذا العصر أذكى مما نتصوّر رغم كل المصاعب والأزمات التي مر بها، فالطفل له عالم خاص وسحري جداً، ومن يكتب له يجب أن يدرك تماماً ما الذي عليه أن يكتبه وكيف يتوجه له، وأن يحترم عقله..
والقصة القصيرة من الأشكال الأدبية الثرية بالمعاني على الرغم من قصرها، فهي قادرة على إيصال العديد من الأفكار بشكل بسيط ومركز يعتمد على مهارة الكاتب تبدأ بمحاولة تلخيص القصة، ثم تحليل السياق والمكان والحبكة والشخصيات والموضوع والأسلوب المستخدم.
نستخلص من القصة ما بداخل الكاتب والرسالة المراد إيصالها بطريقة قد تكون تقليدية أحياناً ومكررة، ولكن قصص الأطفال، والتي تدخل ضمن فئة القصص القصيرة قد تحتمل أكثر من ذلك.
وتأتي قصة «الأمير والحوت الزهري» من فئة القصة القصيرة لأدب الأطفال للكاتب أمين الساطي ضمن تجربته الأولى في هذا النوع من الأدب. وتتمحور القصة عن «يودا» ابن ملك جزيرة المرجان الذي يحلم بالحوت الزهري ضمن عشرة فصول قصيرة مستخدماً مفردات لغوية بسيطة وقريبة للفهم لا تخلو من المعلومة المفيدة ص6»الحوت حيوان بحري ضخم يشبه السمكة بشكله الخارجي، فهو مثلنا نحن البشر يمتلك رئتين» والحوار الشائق بين «يودا» والحصان «برونو» الذي ساعده بالوصول إلى ميناء»كانتورا» حيث يركب سفينة البحار»كريستوفر»الباحث عن صيد الحيتان واختلاف الهدف فـ»يودا» يسعى إلى مساعدة الحيتان إنها مثل البشر لها الحق بالعيش بأمان، والبحار الجشع الذي يقتل الحيتان للحصول على الزيت للإضاءة» ص27»نظر الكابتن كريستوفر إلى الأمير قائلاً: ما الفائدة من أخذك معي؟ فأنت ولد صغير، لا يصلح لصيد الحيتان، ولا للعمل في مطبخ السفينة».
التركيز على الزمان والمكان الانطلاق من قصر الملك، ثم لقاء يودا بالحصان «برونو» والحوار مع الدجاجة «هينا» بلسان ناطق، ولسهولة وصول الفكرة من القصة خلق النشاط الحواري بينها وبين الحصان ص 15»صرخت الدجاجة هينا بالحصان: انتبه أيها الأحمق، حتى لا تدوس على أولادي الصغار!».
ثم بيان حدوث العلاقات داخل القصة ص21 «حتى وصلا إلى شاطئ البحر، شاهدا صياداً عجوزاً يصطاد السمك بسنارته، فاقترب الأمير «يودا»، وألقى عليه التحية، ثم سأله بأدب: هل يمكنك أن تدلني على سفينة باستطاعتها أن تأخذني لمشاهدة الحوت الزهري؟»
لا تخلو القصة من الفائدة والتوجيه النفسي والتربوي ص23» وقرر إذا أصبح ملكاً في المستقبل، فإن أول قرار سيصدره في مملكة جزيرة المرجان هو منع اصطياد الحيتان.» ثم تابع طريقته بنقل الفائدة البيئية ص31»بمرور الوقت ازدادت كراهيته لهؤلاء البحارة الأغبياء، فهم يرمون جميع الأشياء القذرة في البحر، ما يساعد على تلوث المياه الزرقاء الصافية؟» ثم الصراع من خلال عرض بعض الشخصيات السلبية والشريرة ص37 «البحارة لايهمهم موت الحيتان، وإذا استمروا بالصيد بهذا الشكل فسيقتلون جميع الحيتان الموجودة في البحار، البحارة لا يفكرون سوى بالنقود.»
تسلسل الأحداث بدءاً من خروج الأمير في رحلته التي رسمها في مخيلته لتحقيق حلمه برؤية الحوت الزهري، فاستخدام اللون الزهري، وهو اللون القريب والمحبب لدى الأطفال بشكل عام، ثم كان اللقاء مع الحصان «برونو» للوصول إلى الشاطئ، والركاب في سفينة القبطان «كريستوفر»، حيث جرت أحداث مثيرة كسخطه من البحارة الأشرار، استطاع الأمير بحيلة ذكية تفادي صيد الحوت الزهري، ورد الجميل له من الحوت الزهري وإنقاذه بعد تحطم سفينة الصيد، ثم مساعدته للوصول إلى الشاطئ في رحلة العودة إلى القصر.
النهاية كانت سلسة وليست صادمة ص47»عند وصول الأمير إلى بوابة القصر، أخذه قائد الحرس إلى مكتب والده الملك الذي كان غاضباً منه لهروبه من القصر».
«أمين الساطي» خدم قصته باستخدامه اللون الزهري المحبب لدى الأطفال، وقد استعان بحفيده، وهو من الفئة العمرية نفسه المستهدفة من القصة، فقدم رسماً للغلاف بشكل بسيط قريب من فكر الطفل ومخيلته.
من الضروري والمهم أن يتسلح الكاتب الذي يكتب للأطفال بعلم النفس الطفولي والتربوي لأنه يفتح آفاقاً لدى الكاتب الذي يجب أن يشتغل بالدرجة الأولى على بناء فكر إنسان المستقبل الذي ما إن يولد وإلى مرحلة النضوج يمر ببعض أزمات الهوية بسبب مواقف تحدث معه في الحياة، ويجب أن يشتغل الكاتب على هذه المساحة من حياة الطفل ويستغلها ليصنع من الطفل إنسان المستقبل.
                        

العدد 1179 – 27 -2 -2024    

آخر الأخبار
سوريا تستقبل العالم بحدث مميز تفاقم الانتهاكات ضد الأطفال عام 2024 أكثرها في فلسطين جناح وزارة المالية ..رؤية جديدة نحو التحول الرقمي خطوط جديدة للصرف الصحي في اللاذقية  رغيف بجودة أفضل.. تأهيل الأفران والمطاحن في منبج معرض دمشق الدولي.. الاقتصاد في خدمة السياسة قافلة مساعدات إغاثية جديدة تدخل إلى السويداء "دمشق الدولي".. منصة لتشبيك العلاقات الاقتصادية مع العالم رفع العقوبات وتفعيل "سويفت ".. بوابة لانتعاش الاقتصاد وجذب الثقة والاستثمارات سوريا تستعد لحدث غير مسبوق في تاريخها.. والأوساط الإعلامية والسياسية تتابعه باهتمام شديد سوريا تحتفي بمنتجاتها وتعيد بناء اقتصادها الوطني القطاع الخاص على مساحة واسعة في "دمشق الدولي" مزارعو الخضار الباكورية في جبلة يستغيثون مسح ميداني لتقييم الخدمات الصحية في القنيطرة معرض دمشق الدولي.. انطلاقة وطنية بعد التحرير وتنظيم رقمي للدخول برنامج الأغذية العالمي: المساعدات المقدمة لغزة لا تزال "قطرة في محيط" "المعارض".. أحد أهم ملامح الترويج والعرض وإظهار قدرات الدولة العقول الذهبية الخارقة.. رحلة تنمية الذكاء وتعزيز الثقة للأطفال وصول أول باخرة من أميركا الجنوبية وأوروبا إلى مرفأ طرطوس شهرة واسعة..الراحة الحورانية.. تراث شعبي ونكهات ومكونات جديدة