الملحق الثقافي- سهيلة إسماعيل:
مما لا شك فيه أنّ الإبداع الأدبي بكلّ أشكاله سابق للنقد. ويعمل النقد على تطويره وتوضيحه للمتلقي، وعلى المبدع أن يستوعب مدارس النقد ومفاهيمه وألاّ يتقيد بها . ومع ذلك هناك بعض الكتاب الذين يعتقدون أن كتاباتهم وأساليبهم في الكتابة هي الأنسب ولا يمكن التطرق إليها من قبل أي ناقد ، ومن هذا المنطلق نشأت أشكال متعددة للعلاقة بين الطرفين « مبدع- ناقد» ، ويعود تعددها إلى تعدد المدارس الأدبية والاتجاهات التي ينضوي تحتها الإنتاج الأدبي، وتنطبق صفة التعددية أيضاً على النقد وربما يكون الاختلاف ضمن المدرسة النقدية الواحدة .
لقد صنف الباحثون أنواعاً متعددة للعلاقة بين المبدع والناقد وكل نوع له مبررات وجوده :
– علاقة الانسجام التام والتوافق وهي علاقة لها سلبياتها وإيجابياتها؛ لأن الانسجام يعني اتفاق الطرفين على الخطوط العريضة وعلى الأفكار والمعتقدات ووجهات النظروهو أمرغيرصحيح ولا يقدّم أي فائدة على الصعيد الثقافي للمتلقي.
-علاقة التباين والاختلاف حيث تختلف المدارس التي ينتمي إليها كلّ من المبدع والناقد ، وربما يتم التركيز هنا على سلبيات النص الأدبي فقط والتغاضي عن إيجابياته؛ أي أن العلاقة تبتعد عن أسسها الصحيحة والمنطقية .
-علاقة المجاملة والمحاباة وهنا يحكم عملية النقد المعرفة المسبقة بين المبدع والناقد حيث يتم رفع النتاج الأدبي من قبل الناقد إلى مستوى لا يستحقه وبالتالي يتم تضليل المتلقي وتشويش القارئ . وهذا يناقض مهمة الناقد الذي يجب عليه أن يتمتع بأسس علمية خلال نقده لأي نص .
-العلاقة المحايدة وهنا تتم دراسة النص الأدبي وفق أسس نقد صحيحة ومدروسة وبعيدة عن أي مجاملة مزيفة أو تجاهل أو غيرها من الأمورالأخرى التي لا تخدم العملية الإبداعية .
-العلاقة الموضوعية وهي علاقة تخلو من الهجوم والقراءة السطحية للنص الأدبي ،وبالنتيجة فإن الناقد المتمكن من أدواته الحثية والدارس دراسة معمقة للنص يخدم المتلقي ويضيف شيئاً جديداً.
فهو يرشد القارئ إلى اختيار ما يناسبه من نصوص أدبية لقراءتها والتمتع بها.ويعتبر النقد المنطقي عملية مكملة ومتممة للإبداع الأدبي ،أما في الحالة المعاكسة فإنه من الصعب الأخذ بآراء النقاد المسيئة للعملية الإبداعية. ويطمح المهتمون بالنتاج الأدبي على مستوى الوطن العربي للوصول إلى علاقة سويِّة بين الطرفين لأن النقد الصحيح يكشف مكامن الجمال ويستطيع أن يُخرج للمتلقي ما هو مخبأ بين السطور في أي نص أدبي ليكون مادة تحافظ على ديمومة جمالها وألقها مهما مضى عليها من الزمن.
العدد 1179 – 27 -2 -2024