تناقض غريب يلف ملف الدفع الإلكتروني، وما أعلنت عنه وزارة الاتصالات ومن خلفها البنوك والمصارف، ومن بعدها الإجراءات المتعاقبة لتحديث البرامج المصرفية، وكل يعوم على طريقته، وأما المواطن فيغرق في بحر من التصريحات والإجراءات غير المجدية.
ولنبدأ أولاً فيما أُعلِن عنه مع نهاية العام الماضي وبداية ٢٠٢٤، من أن منظومة الدفع الإلكتروني بدأت حيز التنفيذ، لكن المفاجأة بالنسبة لرواد الدفع الإلكتروني ممن استبقوا الإجراءات الحكومية توقف برنامج الدفع الإلكتروني لديهم، وعودتهم إلى الشكل الأول من الدفع.
في الواقع هؤلاء حين أدخلوا تطبيق الدفع الإلكتروني لتسديد فواتيرهم، لم تكن كل هذه الضجة والتشجيع والحديث عن الآلية الجديدة للدفع، وكل ماتوقعوه تحسن في المنظومة الإلكترونية وتوسع في الخيارات، لتتحول كل هذه الأحلام إلى صدمة بتوقف التطبيق المحمّل على الموبايل.
الشق الآخر من الصدمة ذهب إلى أن رواد النافذة الواحدة لدفع الفواتير (كهرباء – مياه-هاتف)، أيضاً تفاجؤوا بإيقاف البرنامج مرة، وبتريث موظفي الدفع مرة أخرى، وبأخذ (المعلوم) الإضافي على الفاتورة من قبل موظف يتقاضى راتباً شهرياً وحوافز، وفيما مضى لم يكن قادراً على فعل ذلك و(على عينك ياتاجر)، لكن فرصة الدفع الإلكتروني والخيارات المحدودة أمام من يريد الدفع، أتاحت له فرصة جديدة من التحصيل الإضافي، وبالتالي شكل جديد من أشكال الفساد.
الشق الثالث والأكثر غرابة وسط سكوت مطبق من قبل مؤسسة الاتصالات، مايحدث من ضعف إنترنت وترد في حال الشبكة العنكبوتية، وتوقفها بالكامل أحياناً حتى على مستوى إنترنت المصارف، فدخولك إلى المصرف كأول عميل ليس بالضرورة أن يعني خروجك الأول، فثمة شبكة اتصالات تتوقف ومنظومة حديثة غير قابلة للعمل، وانقطاع في الكهرباء وغير ذلك.
ومع كل هذا، وأمام (ورطة الدفع الإلكتروني) تقابلنا كل الجهات ذات الصلة (من فم ساكت)، دون مبررات مقنعة، دون خطوات لكسب ثقة الزبون، أو حتى اعتذار يعطي انطباعاً عن أنها في موقع المسؤولية، بل على العكس ثمة تنفير لكل زبون يدخل أي كوّة بهدف الدفع.