أكبر أنواع الانتهاكات والجرائم والمحرمات أن تقتل إنساناً يسعى إلى لقمة العيش في ظروف مجاعة، ليس بوسع الإنسان أن يفكر فيها سوى بكيفية الحصول على طعام للبقاء على قيد الحياة.
الاحتلال مرة أخرى يكشف عن وجهه القبيح في غزة، والصدمة كبيرة ليس من فعل المحتل لأنه على شاكلة أشد بشاعة من ذلك، بل الصدمة التي اعترت وجوه الجميع على وجه المعمورة هي من قتل أناس أبرياء في غزة كانوا في انتظار المساعدات الغذائية، بعد استهداف “إسرائيل” للمدنيين بانتهاك فاق كل تصور، ويعتبر أفدح ارتكاب وخرق ممكن للقوانين الإنسانية.
خطر الإبادة الجماعية حقيقي، ويترصد سكان غزة بعد حمام الدم الكبير بحق الجياع المشردين في طرقات الموت، فالمجزرة المروعة لقوات الاحتلال الإسرائيلي بحق مدنيين يسعون وراء لقمة العيش كان مشهداً تراجيدياً غير مسبوق في تاريخ الجرائم التي ارتكبت بحق إنسانية الإنسان على المسرح الفلسطيني منذ النكبة.
المدنيون الفلسطينيون العزل كانوا يلتفون حول شاحنات المساعدات التي وصلت على أمل الحصول على الغذاء، عندما بدأت الدبابات والطائرات بدون طيار الإسرائيلية بإطلاق النار على الناس في شارع هارون الرشيد غرب مدينة غزة، في منطقة الشيخ عجلين، هذا ذنبهم الوحيد، انتظار المساعدات التي تحولت في لحظة حقد صهيونية لمائدة موت ومسرح للأشلاء والدماء لن تنساها الأجيال عبر الزمن مهما تقادم.
الكيان اعترف بقبح جريمته باستخدامه الذخيرة الحية في التعامل مع الجياع العزل الملتفين حول شاحنات المساعدات، وكل ما ساقه من مبررات وتحليلات، أمر واهي وغير مقنع وتبرير أقبح من الذنب المرتكب بحق أبراء عزل لا حول لهم ولا قوة.
لن ينسى أحد ما حدث بالأمس من مشهد المساعدات التي كانت بطعم الموت والدم، فالمحتل البغيض خلطها بالسم والنار، فعل الاحتلال فعلته النكراء، وراح يتجاهل الكم الكبير من جحيم الموت والحقد والنار والقذائف المنهمرة من طائراته وترسانته العسكرية فوق رؤوس جياع من أبناء غزة الجريحة دون أن يرف له جفن أو يرتجف له قلب.
منهل إبراهيم