الثورة – حمص – سهيلة إسماعيل:
يعمد أصحاب محال بيع الألبسة في أسواق مدينة حمص مع نهاية كل فصل على وضع حسومات على أسعار الألبسة والأحذية تبدأ من 20% لتصل إلى 50%، ومنهم من يكتبها بخط ملون على واجهة محله أو يوظف أحد العاملين لديه من خلال وقوفه أمام المحل والإعلان عنها بصوت مرتفع بهدف جذب الزبائن الذين يعانون من أسعار الألبسة الكاوية بمختلف أنواعها ولجميع المراحل العمرية, وربما يلجأ البعض إلى الإعلان عن التنزيلات من خلال وسائل التواصل الاجتماعي ولاسيما على صفحات الفيسبوك.
في الحقيقة.. إن ما يقوم به البائعون وأصحاب المحال التجارية هو شيء طبيعي ومن حقهم الترويج لبضاعتهم بالطريقة المناسبة لهم, لكن ثمة أسئلة مهمة نطرحها ويطرحها المستهلكون خاصة إذا علمنا أن البعض ينتظر موسم التنزيلات حتى يستطيع شراء ما يحتاجه من ألبسة وأحذية: هل هذه التنزيلات وهمية أم حقيقية؟ وهل تساهم في تنشيط السوق الذي بات يعاني من ركود ملحوظ في غالبية المواسم؟
وخلال جولة قامت بها “الثورة” في أسواق المدينة استطعنا سبر آراء عدد كبير من المستهلكين والبائعين, فوجدنا أن الآراء متباينة بخصوص ما طرحناه عن ماهية وحقيقة التنزيلات المعلن عنها.
لا نعرف الحقيقة
قالت أم رامي وهي ربة منزل التقيناها في السوق المسقوف: “أنتظر التنزيلات التي يبادر أصحاب المحال إلى وضعها على بضاعتهم حتى أستطيع شراء ما يلزم أولادي من ألبسة وأحذية, ومع ذلك تبقى الأسعار مرتفعة مقارنة بالدخل الشهري للمواطن ولاسيما بالنسبة لفئة الموظفين، لكن وكما يقول المثل الشعبي: “الرمد أفضل من العمى”؛ أي مهما كان المبلغ الموفر من الشراء في موسم التنزيلات فهو مكسب لي ولأي زبون آخر في السوق، أما عن حقيقتها فأنا لا أعرف شيئاً ولا أستطيع تقييمها والحكم عليها”.
وفي سوق الدبلان التقينا عفاف وهي موظفة وأم لأربعة أولاد قالت: بحكم عملي في مركز المدينة ومروري أمام الكثير من المحال التجارية فإنني أستطيع القول إن التنزيلات لا تساهم في خفض الأسعار ولا في تحريك السوق لأن الأسعار تبقى مرتفعة بالنسبة إلينا والسلعة هي ذاتها في أول الموسم وفي نهايته, ولا نعلم إذا كان الباعة يعمدون إلى تخفيض أسعار الألبسة غير الجيدة..!! حيث ألاحظ أن الكثيرين يلجؤون إلى وضع سعرين قبل وبعد التنزيلات, فأتساءل كما يتساءل غيري: لماذا لم يتم طرح السعر المنخفض منذ بداية الموسم؟ لأن هامش الربح للبائعين يبقى نفسه في الحالتين..!!
بينما رأى أشرف، وهو موظف، أن ما يضعه الباعة من حسومات على أسعار الألبسة والأحذية لا يتعدى كونه إعلان دعاية لجذب الزبائن ولا يخدم الزبون في شيء؛ أي أن التنزيلات وهمية وليست حقيقية، والبائعون يفكرون بمصلحتهم قبل التفكير بمصلحة الزبائن, فلن يعمدوا والحالة هذه إلى البيع بخسارة.
لدينا أسبابنا..!!
وكذلك تباينت آراء أصحاب المحال التجارية, فمنهم من رأى أن التنزيلات حقيقية ولها أثر إيجابي على حركة السوق ومنهم من رأى العكس:
الشاب أ.و وهو صاحب محل ألبسة في سوق الدبلان قال: سيبقى الزبون يشك بمصداقية التنزيلات المطروحة على أسعار الألبسة وهذا أمر مشروع له ولاسيما في ظل الظروف الحالية وما تشهده من ارتفاع غير مسبوق في أسعار جميع ما يحتاجه المواطن وليس في أسعار الألبسة والأحذية، وهي فعلاً لا تساهم في زيادة الطلب مقابل العرض لكنها تلبي حاجة البعض, فنحن هنا في المحل خفّضنا الأسعار بنسبة 30% ومع ذلك لم يتحسن البيع.
وأضاف: هناك مشكلة نعاني منها كأصحاب محال وكمواطنين وهي تدني الدخل من ناحية وارتفاع الأسعار من ناحية أخرى, ولا يعرف المواطن أن صاحب المحل يعاني مثله من هذا الأمر حيث ارتفعت تكلفة الإنتاج أضعافاً مضاعفة, كما ارتفعت أجور اليد العاملة وأجور المحال وكل شيء، وعلى الجهات المعنية بالوضع الاقتصادي أن تفكر بإيجاد حل للهوة الكبيرة بين الدخل الشهري وبين الأسعار.
وفي شارع الحضارة أكد السيد و.ن وهو صاحب محل لبيع ألبسة للأطفال أن التنزيلات حقيقية وتساهم في تحسين البيع لأن الكثيرين أصبحوا يعرفون موعدها وينتظرون نهاية الموسم حتى يشتروا لأولادهم ما يلزمهم.
أما السيد محمد.أ في شارع الأهرام وهو صاحب محل لبيع الأحذية فقال: ربما تساهم التنزيلات في نهاية الموسم في زيادة الطلب وهي تجعل الأسعار معقولة بعض الشيء لكنها تبقى غير متناسبة مع دخل المواطن لأن ارتفاع الأسعار طال كل شيء وأصبح تأمين لقمة العيش اليومية أهم من شراء أي سلعة أخرى. وأضاف بأن تنزيل سعر السلعة وبيعها بربح أقل أفضل من أن تبقى وتتغير مواصفاتها.
التجارة الداخلية: تتم بقرار وموعد محدديْن
وفي اتصال مع مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك المهندس رامي اليوسف ورداً على سؤالنا عما إذا كان هناك قانون ينظم عملية التنزيلات قال: بالطبع هناك قانون ناظم للتنزيلات وفق القرار 1135 الذي يتضمن تصنيفها إلى تنزيلات موسمية وتصفيات نهائية أو عروض خاصة, وتحدد مدة التنزيلات الشتوية من 15 كانون الثاني حتى 15 آذار, والتنزيلات على البضاعة الصيفية تبدأ من 15 تموز وتستمر حتى أيلول.
كما تضمن القرار تحديد النسبة بحيث لا تقل عن 20% كحد أدنى عن السعر المعلن سابقاً, ونص القرار على أن يكون صاحب المحل حاصلاً على سجل تجاري لنشاطه التجاري الذي يمارسه ويحتفظ بصورة مصدقة عنه لا يتجاوز تاريخ تصديقها ثلاثة أشهر من تاريخ الإعلان عن التصفية, وأن يلتزم صاحب المحل بوضع لافتة على واجهة محله يثبت عليها نوع التصفية ومدتها والحد الأدنى والأقصى لنسب التخفيضات الجارية, ويتم الإعلان عن الأسعار بشطب السعر القديم ووضع السعر الجديد بخط واضح، وتوضيح بدايتها ونهايتها.
ويجوز وفق القرار منح تراخيص لإجراء تنزيلات غير موسمية لتجار المفرق غير المشمولين بأحكام المادة الأولى من القرار لتصفية موجوداتهم من السلع والبضائع التي تتعرض للتعديل أو التطوير أو التي تختلف عن الموديلات الحديثة مثل: الأحذية والألبسة بأنواعها- الكتب– الأدوات المنزلية- الأجهزة الإلكترونية– الهواتف الخلوية وغيرها, حيث تمنح التراخيص لهذه المواد لمرة واحدة في العام.