التناص.. والكرنفال.. وباختين

الملحق الثقافي- علم عبد اللطيف:
لم تُثِر كلمةٌ جدلاً نقدياً شغل الحداثيين جميعاً قدر الجدل الذي أثارته كلمة تناص (intertextuality)
قد يكون أحد أسباب الجدل في العربية هو غرابة المصطلح النقدي الذي نقلت إليه، فأحياناً تترجم إلى تناص، وأحياناً الى (بَيْنصّية)، التزاماً بأمانة نقل المصطلح باللغة الإنجليزية، وربما تكون الترجمة الأخيرة أقرب الى المصطلح في لغته الأصلية. والذي يجزئه بعض نقاد الحداثة إلى (بين inter) و(نص text).. فيكون التعبير الأكثر دقة هو (بين-نص)، وهو بذلك يختلف عن النصية (twxtuality)، ويحدث أحياناً. وخاصة عند بعض الحداثيين المتأخرين. أن تستخدم كلمة (نصية) للإشارة إلى التناص أو البينصية، وحينما يحدث ذلك فإن الأمر يتطلب يقظة كافية من القارئ ليعرف أن (البينصية) هي المقصودة في السياق.
الأمر يحتاج إلى وقفة لتبسيط مفهوم ذلك المصطلح في نقد الحداثة.
لنفهم(البينصية )لابد من العودة إلى النصية. وما تعنيه عند تحليل النص الأدبي. لقد ارتبطت النصية بالبنيوية. ثم سُحبت على المدرسة النقدية السابقة مباشرة. وهي مدرسة (النقد الجديد) الذي يشير إلى الدلالة نفسها باستخدام مصطلح مختلف. هو الوحدة العضوية. وإن كان يمكن إيجاد أوجه تشابه بين نصية البنيوية وقول النقد الجديد بضرورة تحليل النص الأدبي كما هو في داخله. وبصرف النظر عن انتماء مفهوم النصية. أو العلامة اللغوية التي تستخدم للدلالة عليه. فإن له معنى واحداً..كما يورد د عبد عبد العزيز حمودة..
(النص الأدبي منتج مغلق، فهو نسَق نهائي يمكن تحليله وتفسيره في ضوء علاقات وحداته داخل نسقه الأصغر (النص) بعضها بالبعض. وفي ضوء علاقته كنسق بالنسق الأكبر. أو نظام النوع الذي ينتمي إليه ويحدد قواعد تشكيله. هذا هو أبسط تعريف ممكن للنصية، أما البينصية فهي نقيض ذلك تماماً. فالنص ليس تشكيلاً مغلقاً أو نهائياً. إنه يحمل آثار نصوص سابقة. رماداً ثقافياً. وحيث إنه غير مغلق ومحمّل بآثار نصوص أخرى من ناحية. وحيث إن القارئ يجيئه بأفق توقعات تشكله. فمعنى ذلك أنه لا يوجد نص. ما يوجد هو (بين-نص)..ذلك الكائن المتغير والمراوغ الذي ينتجه الحوار بين المنتج الأول والقارئ. وبهذا يصبح التناص الأساس الأول لـ (لا نهائية) المعنى في استراتيجية النقد).
إذا نحّينا التبسيط الذي لجأنا اليه. وعدنا الى المصطلح النقدي الأكثر جاذبية ومراوغة. فإن أقرب تعريف أو تحديد لحالة التناص، هو ذلك الذي يقدمه ناقد روسي متعدد الانتماءات. اكتسب شعبية كبيرة كناقد متقدم، هو (ميخائيل باختين).
من المقارنات الشائعة التي يعود إليها الكثيرون في المدة الأخيرة. تلك التي عقدها باختين بين حالة النص الأدبي. وحالة المهرجان.. أو الكرنفال. التي يختلط فيها كل شيء. الثقافة العليا والثقافة الدنيا..الثقافة الرسمية والثقافة الشعبية. وهذه بالضبط حالة التناص. في ظل صورة الكرنفال المفتوح الذي تتداخل فيه الأشياء. تنتفي فكرة النص المغلق. إذ إن كل محاولة لإغلاق النص عن طريق تفسير نهائي. محكوم عليها بالفشل. لأن النص النقدي هو الآخر جزء من كرنفال نقدي خاص به. وتتعدد الأصوات فيه تماماً كما تتعدد الأصوات داخل النص الأدبي، من هنا يخلص باختين إلى استحالة وجود نص نقي..
(إن كل نص صدى لنص آخر إلى ما لا نهاية، جديلة لنسيج الثقافة ذاتها..)
فكر باختين يدور حول ثلاثة مبادئ تؤسس فلسفته الجمالية. أهمها رفض النص للنهائية. رغم ذلك فإن فكرة عدم قابلية النص الأدبي للأغلاق. تعتبر صلب استراتيجية التفكيك.
يقدم باختين الذي كان يعمل أستاذا مغموراً في جامعة روسية صغيرة. فكرة (الكرنفال)..ويُتبعها بأحد التشبيهات التي لا تنسى لجسم النص الأدبي. (الكرنفال).
                        

العدد 1181 – 12 -3 -2024             

آخر الأخبار
السفير الضحاك: عجز مجلس الأمن يشجع “إسرائيل” على مواصلة اعتداءاتها الوحشية على دول المنطقة وشعوبها نيبينزيا: إحباط واشنطن وقف الحرب في غزة يجعلها مسؤولة عن مقتل الأبرياء 66 شهيداً وأكثر من مئة مصاب بمجزرة جديدة للاحتلال في جباليا استشهاد شاب برصاص الاحتلال في نابلس معبر جديدة يابوس لا يزال متوقفاً.. و وزارة الاقتصاد تفوض الجمارك بتعديل جمرك التخليص السبت القادم… ورشة عمل حول واقع سوق التمويل للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة وآفاق تطويرها مدير "التجارة الداخلية" بالقنيطرة: تعزيز التشاركية مع جميع الفعاليات ٢٧ بحثاً علمياً بانتظار الدعم في صندوق دعم البحث العلمي الجلالي يطلب من وزارة التجارة الداخلية تقديم رؤيتها حول تطوير عمل السورية للتجارة نيكاراغوا تدين العدوان الإسرائيلي على مدينة تدمر السورية جامعة دمشق في النسخة الأولى لتصنيف العلوم المتعدد صباغ يلتقي قاليباف في طهران انخفاض المستوى المعيشي لغالبية الأسر أدى إلى مزيد من الاستقالات التحكيم في فض النزاعات الجمركية وشروط خاصة للنظر في القضايا المعروضة جمعية مكاتب السياحة: القرارات المفاجئة تعوق عمل المؤسسات السياحية الأمم المتحدة تجدد رفضها فرض”إسرائيل” قوانينها وإدارتها على الجولان السوري المحتل انطلقت اليوم في ريف دمشق.. 5 لجان تدرس مراسيم و قوانين التجارة الداخلية وتقدم نتائجها خلال شهر مجلس الشعب يقر ثلاثة مشروعات قوانين تتعلق بالتربية والتعليم والقضاء المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات لقوات العدو في عدة مواقع ومستوطنات “اللغة العربيّة وأثرها في تعزيز الهويّة الوطنيّة الجامعة”.. ندوة في كلية التربية الرابعة بالقنيطرة