الثورة – ترجمة ختام أحمد:
قبل عام بالضبط من الآن طرح الرئيس الصيني شي جين بينغ مبادرة “الحضارة العالمية” في خطابه الذي تناول الحوار بين الحزب الشيوعي الصيني والأحزاب السياسية العالمية الأخرى، وأوضح شي سبب اقتراح مبادرة التعاون العالمي: “بما أن مستقبل جميع البلدان مرتبط بشكل وثيق، فإن التسامح والتعايش والتبادل بين الثقافات والحضارات المختلفة يلعب دوراً لا غنى عنه في دفع عملية تطور البشرية، وجعل حديقة الحضارة العالمية تزدهر.
وتدعو المبادرة إلى احترام تنوع الحضارات والقيم المشتركة للإنسانية، وأهمية تراث الحضارات وابتكارها، فضلاً عن التبادلات والتعاون الدولي القوي بين الشعوب.
على مر التاريخ البشري سارت الحضارات، الشرقية والغربية، إلى الأمام من خلال التعلم من بعضها البعض. خلال حركة الترجمة المعاكسة بين اليونانية والعربية، التي استمرت حوالي قرنين من الزمان منذ عام 750 م، تمت ترجمة مجموعة كبيرة من الأعمال التنويرية للمفكرين القدماء مثل أرسطو وأفلاطون من اليونانية إلى العربية، وبالتالي الحفاظ على الحكمة القديمة من الفناء مع سقوط الإمبراطورية الرومانية، وتمكين الثقافات الأوروبية في العصور اللاحقة من الانتعاش في عصر النهضة.
كما ساعدت الاختراعات الأربعة الكبرى، التي نشأت في الصين، في تمهيد الطريق لحدوث عصر النهضة، والدخول في عصر الشراع بعد نقلها إلى أوروبا.
ومع وعي أعمق بقوة الحوار بين الحضارات، قال الرئيس اليوناني السابق بروكوبيس بافلوبولوس: ” بسبب الاستخدام المشوه لجوانب معينة من التطور التكنولوجي والعولمة الاقتصادية، نجد أنفسنا أمام وضع هجين بين الحرب والسلام، و”لذلك… يجب علينا تكثيف حوار الحضارات”.
ومن وجهة نظر شي، فإن كل حضارة “تجسد حكمة ورؤية دولة أو أمة، ولكل منها قيمة لكونها حضارة فريدة خاصة بها”، وبينما تتقدم الصين على طريق التحديث من خلال تنمية عالية الجودة، يلعب تراثها الثقافي الوافر دوراً لا غنى عنه.
إن التحديث الصيني، كما تم تفصيله، هو تحديث عدد كبير من السكان، والرخاء المشترك للجميع، والتقدم المادي والثقافي والأخلاقي، والتناغم بين الإنسانية والطبيعة، والتنمية السلمية، يمكن لهذه الميزات أن تجد انعكاسات في الثقافة الصينية التقليدية، خذ مثلاً تركيزها على الإنسانية وتناغم الطبيعة، فالثقافة الصينية تتوافق مع العقيدة الصينية القديمة المتمثلة في أن البشر جزء لا يتجزأ من الطبيعة، وأن جميع الكائنات الحية تنمو معاً دون الإضرار ببعضها البعض، وتسلط هذه العقائد القديمة الضوء على الأسباب التي دفعت الصين إلى بذل جهود هائلة في التحول الأخضر.
ورغم أن العديد من بلدان العالم النامي تتطلع إلى الاستفادة من تجربة الصين في مجال الحد من الفقر وتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية، فإنها تستلهم أيضاً تصميمها على استكشاف نموذج التحديث بعيداً عن التغريب.
وقال تشيا مونيريث، رئيس جمعية باحثي التطور الكمبوديين الصينيين، إن العثور على الطريق الصحيح لبلده يتطلب الجمع بين التقاليد التاريخية والثقافية للفرد مع المتطلبات العملية للتنمية الحديثة.
ويستكشف الأفارقة أيضاً طريقهم نحو التنمية، فالقارة الغنية بالموارد الطبيعية والتي تضم عدداً كبيراً من السكان فضلاً عن سوق واسعة ذات إمكانات كبيرة، تواجه الآن تحدياً ديموغرافياً. وتوقعت الأمم المتحدة أن تكون إفريقيا موطناً لما لا يقل عن 25 في المئة من سكان العالم في عام 2050، وأن نصف هؤلاء السكان سيكونون أقل من 25 عاماً، وبالتالي زيادة الطلب على التعليم والوظائف والغذاء.
وفيما يتعلق بالقضايا الساخنة في العالم مثل الأزمة الأوكرانية التي طال أمدها والصراع الفلسطيني الإسرائيلي الذي لا يزال محتدماً، فإن لديهم وجهات نظرهم المميزة. وكما قال الباحث البريطاني مارتن جاك، فإن الجنوب العالمي يحتاج إلى حق حضاراته في أن يتم الاستماع إليها وتمثيلها.
وكتب أن مبادرة التعاون العالمي “تسعى إلى إلغاء مركزية فكرة أن الحضارة الغربية عالمية إلى حد ما، وبدلاً من ذلك تعترف وتضفي الشرعية على الثراء والتنوع الهائلين في الحضارات الإنسانية العديدة”.
وقال ناصر عبد العال، خبير الصين وأستاذ اللغة الصينية بجامعة عين شمس المصرية، إن الأفكار الصينية المتجذرة في حضارة قديمة ساهمت في نظام عالمي جديد يقوم على المساواة والعدالة والتنوع والتعاون والفوز المشترك.
على مر السنين، ظلت الصين تعمل مع الدول في جميع أنحاء العالم لبناء جسور التواصل والتعاون، من خلال عقد حوارات مثل مؤتمر حوار الحضارات الآسيوية ومنتدى التعاون بين الصين وآسيا الوسطى، والجمع بين شركائها في الحزام والطريق من أجل تعزيز التعاون بين الصين وآسيا الوسطى من أجل التنمية المشتركة.
المصدر – تشاينا ديلي