الملحق الثقافي- رفاه الدروبي:
سؤال يطرق الذاكرة بقوة جعلنا نطرحه على بساط البحث ترى هل لامس الباحثون والمبدعون السوريون هموم المجتمع السوري أثناء الحرب هل فعل الشعراء والباحثون والفنانون وغيرهم، وكيف؟
تجربة قاسية
الشاعرة طهران صارم أفادت بأنَّ الحرب على بلدنا كانت لها تداعيات كبيرة في المجتمع على مختلف الصعد، إذ لامست شرائح المجتمع كلها، وأرخت بظلالها على الجميع، فكيف بالمبدع والشاعر والفنان والمثقف كونه الأكثر حساسيةً وفهماً لما يجري حوله. حقاً كانت تجربة قاسية مرّ بها الوطن وحاول الشعراء والكتَّاب التعبير عنها بوسائله الخاصة، وهناك الكثير من الأدباء الذين وثقوا يوميات الحرب ومشاهد الدمار وما نتج عنها من حالات بؤس إنساني وتدنٍّ في المستوى الأخلاقي وغيرها، وهناك من رصد صور البطولة لأبناء الوطن وماقدَّموه وبذلوه من دماء وغيرها كي يردوا عن الأرض مالحق بها من وجع، أمَّاعن طريقة ومستوى تعبير المبدع فتختلف باختلاف رؤيته للحدث وتحليله الفردي فنجد عند البعض مقاربات لا ترقى لمستوى الحدث، وبالمقابل هناك استشرافات عند البعض الآخر، ورؤية عميقة وتحليل موضوعي للأسباب والنتائج فأعطى المثقف السوري رأيه وكان له موقفه الداعم للقيم الإنسانية والوطنية وربما أخفق بمكان ما ونجح في آخر ما ينسجم مع طبيعة الأحداث التاريخية الكبيرة والمؤثرة في حركة الحياة.
لسان حال الوطن
بدورها الشاعرة والقاصة سهير نذير زغبور أكّدت على قدرة الأدب بأن يكون لسان حال الوطن أرضاً ومجتمعاً منذ القديم، ومؤرِّخاً لقضاياهم، ثمَّ وتساءلت قائلةً: مَنْ لم يقرأ لعنترة أو أبي فراس الحمداني أوسليمان العيسى وهم يحملون في طيَّات قصائدهم هموم البلاد وحروبها وانتصاراتها ليستمر النهج نفسه حتى يومنا الراهن دون تلكؤ عن نقل هموم الواقع والتعبير عنها، ولعل الحرب الأخيرة على سورية كانت المحرِّض الأكثر ألماً على الكتابة عند الأدباء والمفكرين وكأنهم يكتبون بدمائهم حتى كانت تنزف وجعاً مع كل جريح أو شهيد. كان حبرهم من دموع عيونهم حيث شهدت دماراً وموتاً يمشي في الطرقات فأتى أدب المرحلة ممزوجاً بالألم والأمل بانتهاء الحرب الشعواء. أدب يبثُّ روح الصبر والشجاعة والإرادة. أدب يكتب عن اليوم وعن الغد المنتصر بقوة الحق وخصب الأرض وإرادة الحياة. إنَّه أدب تميَّز عن غيره بملامح التنوع بين الشعر والرواية والمسرحية والمقالة ماجعلته في واجهة المقاومة الحقيقية لكلِّ من عاث فساداً وخراباً فوق الأرض الطاهرة.
بالإبداع نلهو عن الهموم
كما رأت الكاتبة ميادة مهنا سليمان بأنَّ الحروب تجعلنا نغرق أنفسنا أكثر في الكتابة، أو في الفنون الأخرى، لأنّ الإبداع ينسينا قليلاً هموم الحياة سواء في الحرب أم في السّلم، فنحن نرى مثلاً عندما تحدث الحرب تزداد كتابات المبدعين والرَّسَّامين ليجسِّدوا معاناة البشر، وليصرخوا بطرقهم الفنّيّة المتعدّدة، ونحن نرى الآن ما يحدث في فلسطين الحبيبة، فصار لدَينا كمٌّ كبير من القصائد المندّدة بممارسات العدوّ القذرة، بالإضافة إلى القصص سواء للكبار أم للأطفال.
العدد 1182 – 19 -3 -2024