الملحق الثقافي-حسين صقر:
لا نغالي إذا قلنا إن الحرب الإرهابية التي مازالت بلادنا تعاني منها، تركت آثاراً سلبية على المجتمع السوري برمته، ووضعت الجميع في ظروف لا تحمد عقباها، ولكن المصائب والمحن دائماً بحاجة لأشخاص يخففون من حجم المعاناة، وذلك من خلال ما يقدمونه، وكل من مكانه وحسب مجاله واختصاصه.
الكتاب والفنانون والمبدعون والممثلون والإعلاميون، لم يبخلوا من ساحاتهم و مواقعهم في التقليل من ألم الفاجعة التي ألمت بالسوريين، وقدم كل منهم ما استطاع وضمن الإمكانات المتاحة لينسى الناس ما هم فيه، وذلك من خلال كل ما يساهم في الترويح عن النفس، والدعوة للتفاؤل وشحذ الهمم وترسيخ الانتماء الوطني، ورفع المعنويات التي باتت تهبط يوماً بعد آخر.
وليس كل من قرأ أو سمع و رأى، يقتنع بعمل وجهود هؤلاء، لكن هذه الشريحة استمرت بتقديم كل ما لديها للمساهمة في تقليل حجم المأساة، وكان السواد الأعظم من المتلقين والمستمعين، يتساءل ماذا قدم هؤلاء، وفي الحقيقة، إذا أردت أن تطاع فاطلب المستطاع، وليس بإمكانهم «إخراج الزير من البير» لأنهم لايمتلكون القرار، وليس دورهم إنارة النفق، ولكنهم يضيئون شمعة، ويتركون الباقي لأصحاب الشأن.
كثيرة هي البرامج التوعوية والثقافية والاجتماعية والخدمية، والدراما الهادفة والموجهة التي قُدّمت وعُرضت، وقد ضجت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي والصحف والمسارح بشتى الأنواع، ولامست هذه البرامج إلى حد معين هموم الناس، ولكن حجم المصيبة كان أكبر من الجميع، فالحرب الإرهابية من جهة، وداعمو التطرف من جهة ثانية والحصار من جهة ثالثة، ومستغلو تلك الحرب الظالمة وكل من ركب الموجة من جهة رابعة، وباتت سورية والسوريون وكأنهم بين أعشاش الدبابير، ولاحول لهم ولاقوة.
لم يلامس الكتاب والمبدعون والباحثون السياسيون والاقتصاديون والخبراء والمهتمون الهموم وحسب، ولكن أمعنوا فيها وامتزجت دماء بعضهم الطاهرة بثرى الوطن الجريح، وتماهت أرواحهم وعواطفهم، ومنهم من استشهد دفاعاً عن كلمة حق قالها، ومن بينهم وهم ذاهب إلى عمله، أو عائد منه، ولكن بقي حجم المصيبة أكبر، والمعاناة تتفاقم يوماً بعد آخر، وأصبح سقف الطموح رغيف خبز نتيجة الحصار الجائر، وبسبب استنزاف الأعداء لطاقات وإمكانات البلاد.
للكلمة مفعولها وللصورة والحرف أيضاً، ولأن الحرب إعلامية ونفسية قبل أن تكون عسكرية وهكذا بدأت، كان لزاماً على شريحة الفنانين والمبدعين والكتاب والباحثين وأصحاب الرأي أن يدافعوا بكل ما لديهم، حيث لا يفل الحديد إلا الحديد، وكما يقال: «إن الرطل بحاجة لرطل وأوقية»، وكي تستقيم الأمور يجب التعامل مع العدو باللغة التي يفهمها، وبالأسلوب الذي اعتاده.
لم يبخل أحد بالدفاع عن الوطن أو معرفة هموم الناس بهدف معالجتها، لكن المصيبة أكبر من الجميع.
العدد 1182 – 19 -3 -2024