في الوقت الذي يواجه المواطنون واقعاً قاسياً وغير مسبوق في التقنين الكهربائي تتوالى بين فترة وأخرى أخبار التعدي على شبكة الكهرباء وسرقة كابلات للحصول على أسلاك النحاس فيها، وهذا ما شَهدته في منطقة سكني التي تتعرض لمثل هذه السرقة وتعوض الخطوط بكابلات ألمنيوم ليست بذات جدوى ما يؤدي بالمحصلة لانقطاع الكهرباء لساعات طويلة لحين إصلاحها مرة أخرى.
إلا أن إعلان مدير عام مؤسسة توزيع ونقل الكهرباء أمس عن سرقة 100 طن من الأمراس الكهربائية بطول 36 كم على خط دير علي عدرا قيمتها حوالي 4 مليارات شكل صدمة كبيرة لكل من وصله الخبر ليس لقيمتها فقط، لا سيما وأن وضع يد الجهات المعنية بين فترة وأخرى على سرقات بمليارات الليرات السورية في مؤسسات وشركات عامة عديدة يكاد يكون اعتيادياً ومن ضمن سلسلة ملفات الفساد المستشري، وإنما لغرابتها وفرادتها وكأننا أمام فيلم طويل يتناول قصة عصابات مافيا متمرسة تخطط وتنفذ بحرفية عالية ولديها معدات هائلة وإمكانات للتمكن من تنظيم هذه السرقة المهولة والمنظمة، لذلك يبدو خبر سرقة سور المدينة الرياضية بين ليلة وضحاها عادياً أمام ما حدث في سرقة الأمراس الكهربائية.
قائمة طويلة من التساؤلات التي تحمل تشكيكاً وربما اتهامات لجهات معنية عن حالة الارتياح والوقت التي نفذ فيها السارقون سرقتهم الكبيرة والفاضحة، وأنهم مهما امتلكوا من خبرات وجرأة وإمكانات لن يتمكنوا من إنهاء سرقتهم دون أيادٍ أخرى مساعدة لربما تكون من داخل البيت الكهربائي أو غيره، والإجابة على هذه التساؤلات يفترض أن تتم بسرعة وتضع الرأي العام المشكك بمصداقية الجهات المعنية في التصدي للفساد والفاسدين أمام كل خطوة تسير في كشف ملابسات هذه السرقة ومن يقف وراءها.
ولأننا ندرك حرص ومتابعة الجهات الرقابية بتوجيه من أعلى مستويات القرار على المضي في كشف ملفات الفساد ومحاسبة الفاعلين وأن يكون القانون فوق أي اسم مهما كان موقعه فإن هذه القضية تعد أولوية في المتابعة والمحاسبة لتعيد جانباً من الثقة بين المواطن وأصحاب القرار ولتكون بداية حقيقية لمحاربة قوية مع الفاسدين وكل من يقف خلفهم.