لاصوت يعلو فوق صوت المتصل وهو يحاول الاتصال بآخر سواء عبر مكالمة عادية من ذات التكلفة العالية، أو عبر تطبيق من التطبيقات التي تعمل بدقة وجودة عاليتين في كل دول العالم، ولكنها تتعثر في أذيال ثوبها لدى استعمالنا لها، وهو ما يعرف اصطلاحاً بالجودة التي تتفاوت درجاتها بين تحطيم المستحيل في الجودة وتحطيم المستحيل في عكسها.
كثيرة هي العادات المتأصّلة لدينا نتيجة تدني جودة كل ما نستعمله، فمن المتوارث مسألة إطفاء وتشغيل الجهاز الكهربائي مجدداً كحل شائع لدى كل توقف او تعثّر في عمله، وكذلك حال لطم الجهاز بضع لطمات حتى يعود إلى صوابه ويواصل تقديم الخدمة، ناهيك عن مسائل أخرى كثيرة تحمل ذات الهمّ كالمنظّم ودارة الحماية والفاصل الإلكتروني، وكلها نتيجة طبيعية وحتميّة للأجهزة معدومة الجودة التي نستعملها.
ما من مواطن إلا ويعرف اليوم أن أي جهاز يشتريه بدءاً من البطارية الخاصة بالهاتف أو جهاز التحكم عن بعد (ريموت كونترول)، لا يخضع لأي نوع من أنواع الضمان أو الكفالة، بل المغامرة على عاتقه وعلى حسابه، وكذلك حال قطع السيارات التي نشتريها فكلها تحمل ذات الجودة وما من ضمان لها، بل تأكيد من البائع بانها قد تعمل لسنة وقد تتعطّل بعد ساعة.. وهو لا يتحمّل أي مسؤولية لأنه اشتراها بنفس القدر من المغامرة..!! مع فارق بسيط طبعاً أنه يبيعها ولن تبقى في دياره ولن يستعملها أي أنه لن يخسر، في حين اننا نشتريها بتكلفة عالية ونعرف سلفاً أننا نشتري أردأ الصناعات والإنتاج قياساً بما تستعمله شعوب الأرض كافة..!!
هي ظاهرة غريبة عجيبة مستحكمة لا يمكن تفسيرها إلا بتداول السلع سريعاً، أي أن المسيطرين على هذه الأسواق من تجار ومستوردين ومن يغض البصر عنهم، مصرّون على جلب أرذل البضائع والسلع وأسوأها بحيث يحتاج المستهلك بديلاً لها خلال مدة زمنية قصيرة، ما يعني الاستيراد مجدداً او التصنيع مجدداً بغاية السوء كحال سابقه، ليتم الاستهلاك مجدداً والطلب مجدداً كذلك، كون هذه السلع ضرورية لحياة المواطن وما من محيد عن استعمالها، إلا إن سلمنا بالعيش على طريقة أهل الكهف، وهو أمر فيه من الصعوبة الشيء الكثير.. لا لشيء إلا فقط إغراء الحضارة والعيش برفاهيتها في القرن الحادي والعشرين.
السابق