الثورة – ديب علي حسن:
حين تبحر في المشهد الشعري العربي ولاسيما الإبداع الأنثوي مع أن الإبداع لا يصنف هكذا فإنك تجد أن ثمة أغواراً من المعاني المتدفقة جمالاً وقدرة على التكثيف في مجموعات الشاعرة السورية والأستاذة الجامعية سلمى جميل حداد..
أغوار تجعل القدرة على التأويل تذهب بك في كل اتجاه جمالي ويحلق بك الخيال إلى تخوم التقاطعات بين الفلسفة والشعر وقراءات الذات النابضة بشغف الحياة والقدرة على العطاء.
في أعمال سلمى جميل حداد التقاط مفارقات الزمن الذي ينقش عليه المبدع خلوده.. والزمن ليس زمناً ولا يمكن أن يكون خارج المكان أبداً ..هنا في هذا المدى الواسع وفوق لجج المتوسط حيث الحضارات التي كانت وحيث قلب العالم تبدع حداد في استشراف القادم..
من ديوان أحبك، ولكننا نقف عند هذا النص المترع بكل كثافة التأويل وإعادة البناء في لحظات الزمن الخالدة تقول حداد:
على نية الزمن الجديد
من ضوء عينيك يبتدئ نهاري
الشمس أنثى ونسيم التوابل إليها دافئ وحنون
وأنا سئمت من المنفى
الشمس أنثى تنام على صدري فتتسع السجون
وتخف حمولة الغياب وينزف خيال المجاز
على وقع أقدام أنثى.
الشمس أنثى
تبحر في المتوسط يحثا عن كذبة بيضاء
فيرتديها طحلب الموت على هودج الجنون
ويحملها إلى أرض البعيد
كي تضيء عتمة البنفسج على شامة القصيدة أنثى.
سأختار اسمي من شجرة تين
حين تسيل الشمس على شفتيه
وتسند إلى خده خدها المحموم
فأنضج أنا وتقطفني أنثى.
عانقيني
عانقيني كي أولد رجلا من مرمر كتفيك
ودعيني هناك تتخاطفني أفكار حريتي
ما عدت قادرا على عفن الحراس وفظاظة المنفى.
عانقيني وافقئي عيون الليل
واعجني بين يديك الدافئتين قلبي
كيما ينفجر الفجر على شباك زنزانتي
فأبزغ هناك احمر شفاه على شفة أنثى.
عانقيني واغسلي الشعاع سبع مرات
كيما يبيض وجه النهار الكئيب
وتعالي على ركبتي نؤنس وحشة الصقيع
ونأكل معه على نية الزمن الجديد خبزاً وملحاً.
هذا البحر الأبيض الذي أعطى العالم أول أبجدية من أوغاريت تعيد حداد تشكيله وقراءاته بروح الشاعرة الفيلسوفة التي تفجر في كل جملة شعرية سؤالاً فلسفياً معرفيا يعرف أن درب اليقين هو نور الإبداع المشع من أغنى الشموس قلب ينبض بالإنسان.
وما نفع الشمس في كبد السماء إذا لم يكن قلبك مجرة الشموس..