لميس عودة:
ما كانت “إسرائيل” يوماً إلا كياناً مارقاً على القانون الدولي والمواثيق الأممية، وبؤرة إرهاب تقترف كل الفظائع الوحشية، فتاريخها حافل بأفظع الجرائم، وحلقات تعدياتها على القرارات والقوانين الدولية سلسلة طويلة ممتدة منذ زرعها بؤرة إرهاب بالمنطقة، ومساندة أميركا لها وتقديم الغطاء السياسي والدعم العسكري اللا محدود جعل مجرمي حروبها يركلون القوانين الأممية ويدوسون باستخفاف وعنجهية على الأعراف والاتفاقيات الدولية.
إذ تندرج الانتهاكات الخطيرة التي يقترفها العدو الصهيوني لقواعد القانون الدولي والإنساني وليس آخرها استهداف القنصلية الإيرانية في دمشق بعمل همجي جبان، وما خلفه هذا الجرم المرتكب والموصوف من ارتقاء شهداء من البعثة الدبلوماسية الإيرانية إضافة إلى مدنيين هم بالعرف الدولي وباتفاقية جنيف تحت الحماية الدولية، تندرج هذه الأعمال العدوانية تحت قائمة الجرائم الدولية التي تستدعي التجريم والمحاسبة من الهيئة الأممية وما ينبثق عنها من منظمات وهيئات تتمثل طبيعة عملها ومهامها بردع المعتدين ومساءلتهم عن انتهاكاتهم الخطيرة للأعراف الدولية والإنسانية ومبادئ الأمم المتحدة، وقد تم توصيف مثل هذه الانتهاكات في القانون الدولي وتمييزها عن بقية الانتهاكات بسبب جسامة الفعل العدواني الذي تتعرض له المصلحة الدولية من جهة، وبسبب الإجراءات المتبعة في المعاقبة على هذه الانتهاكات والآثار المترتبة عليها بتهديد السلم والأمن الدوليين من جهة أخرى.
ففي المواثيق والمعاهدات الدولية تتمتع المقار والبعثات الدبلوماسية بحماية دولية أثناء الحروب والنزاعات المسلحة، ووفقاً للقانون والاتفاقات الدولية والقرارات ذات الصلة فإن الدبلوماسيين ومقار إقامتهم وعملهم يخضعون للحصانة الشخصية والحماية الدولية وفقاً لاتفاقية جينيف الرابعة الخاصة بحماية المدنيين أثناء الحروب، والإلزام بعدم استهدافهم وتعريضهم لأي شكل من أشكال الخطر أو الأذى أو التعدي عليهم، وقد قضت اتفاقية فيينا لعام 1961 باستمرار هذه الحصانة والحماية للدبلوماسيين والمقار الدبلوماسية حتى أثناء الحروب والحيلولة دون استهدافها أثناء العمليات العسكرية، وخرق ذلك يشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي ويعتبر جريمة حرب مكتملة الأركان الجرمية تستدعي المحاسبة الأممية.
لم يعد خافياً ما ترتكبه “إسرائيل” من جرائم وحشية شواهدها وآثارها مثبتة بالأدلة والبراهين ووفقاً لتقارير وشهادات منظمات دولية وحقوقية أقرت ووثقت ما يمارسه العدو الصهيوني من انتهاكات فاضحة وجسيمة لعدد كبير من الاتفاقيات والمعاهدات والقوانين الدولية، واعتداءات سافرة في المنطقة في ظل محاباة دول الغرب الاستعماري للكيان الإرهابي والتستر على جرائمه والحيلولة دون عقابه، كما أن المنظمات الدولية المعنية بلجم المعتدين والانتصار للإنسانية وصون الاتفاقات الدولية ما زالت إدانتها خجولة لا ترقى لمستوى فداحة الإجرام الإسرائيلي وخرقه جميع معاهدات حقوق الإنسان، وتهديده السلم والأمن الدوليين من دون اتخاذها أي إجراءات عملية نافذة لكبح جماح الشر الإسرائيلي المتطاير عدواناً ووحشية في المنطقة.
المجتمع الدولي الذي تتسرب العربدة الوحشية الإسرائيلية من عيوب تخاذله وانصياعه للسطوة الغربية والأميركية على قراراته، مطالب باتخاذ إجراءات عملية ملموسة وفعالة وقرارات حازمة ونافذة تردع العدو الغاشم وتوقف إرهابه الممارس على شعوب المنطقة، أجل مطالب المجتمع الدولي بأكثر من إدانات وبيانات قلق واستياء قيمتها لا تساوي الحبر التي تكتب به، فالعدو الصهيوني لا يقيم وزناً للمعايير الإنسانية، ولا تلزمه قرارات يصدرها المحفل الدولي بكامل مؤسساته، وما يمارسه من طقوس عدوانية ويرتكبه من محظورات قانونية وإنسانية يرتكز فيها على مظلة حماية أميركية وغربية تمنع من مثول مجرميه في قفص التجريم، ما ترك له حبل الإفلات من العقاب ممدوداً لارتكاب المزيد من الجرائم الوحشية والتطاول على القانون الدولي.