تلف أرزاق العباد والبلاد

لم يفصح المحتكرون، ولن يفصحوا، عن كميات المنتجات الزراعيّة التي تعرّضت للتلف في مستودعاتهم عندما أعمت حمى جني الأرباح عيونهم وقلوبهم عن ظروف التخزين السيئة، فخسروا خسائر كبيرة وحرموا المستهلك من “أرزاق بلاده” وافتعلوا أزمة في الأسواق على مستوى المعروض السلعي وبالتالي الأسعار.
موجعة حكاية “تجار التخزين” في بلدنا وهي في الواقع تجارة احتكار كئيبة بكل معنى الكلمة، فمواسم المنع والسماح بتصدير المنتجات الزراعية السورية، تشبه إلى حدٍ ما مفهوم “الهدن” في النزاعات.. أي إما مواجهات أو هدوء يعتريه استعداد لاستئناف المواجهة، فالاحتكار في حالة الأسواق هو عبارة عن استعداد وتأهب وانتظار لقرارات السماح بالتصدير، وكم تكون الخسائر كبيرة عندما يتأخر القرار وتخيب حسابات وظنون المحتكرين المنتظرين.. خسائر لهم بسبب الجشع والطمع، وللمواطن ولاقتصاد البلاد، فضياع وتلف آلاف الأطنان من مختلف المنتجات الزراعية يعني أنا هدراً لكل مساعي وتكاليف دعم الإنتاج، وإفشال مباشر لكافة سياسات الحرص على توازن العرض والطلب.. وهذه خسائر وطنية لا مجرد فردية في المحصلة، يجب أن يُحاسب عليها من تسببوا بها، وهم المحتكرون حتى لو ظهروا بهيئة الضحية، فهؤلاء هم العابثون الحقيقيون بالأمن الغذائي للمواطن.
عدّة آلاف الأطنان من مادة الثوم مثلاً أتلفت في المستودعات وحُرم المواطن منها ودفع ثمن اختلال التوازن بين المعروض منها والطلب عليها، ووصل سعر الكيلوغرام منها إلى ٨٠ ألف ليرة ثلث أو ربع راتب شهري لموظف قطاع عام، أما المستورد – الصيني – فوصل سعر الكيلو غرام منه إلى ١٤٠ ألف ليرة سورية أي نصف راتب.. والسبب جشع تاجر ومّحتكر متفلّت من القوانين وجاهل حتى بأصول وخبايا “صناعة الاحتكار”.
التلف خلال مراحل التخزين – احتكاراً هو السبب المتقدم للاختناقات في توفر المواد الأساسية في الأسواق.. من الثوم إلى البصل إلى البطاطا وبدرجة أقل البقوليات، وهو سبب الاضطرار لفتح باب استيراد مواد من “المعيب” استيرادها في بلد زراعي كبلدنا.
لا يجوز السكوت عن هذا الخلل الذي يتكرر سنوياً، ولابد من علاج مستدام لهذه المشكلة.. ونظن أن مثل هذا الحلّ غير متاح إلا بقرار واحد، وهو عدم السماح بتصدير المنتجات الزراعية الخام مهما بلغ الفائض الإنتاجي منها، والبديل هو تصنيعها محلياً وتصديرها مصنعة .. أي ثوم مجفف وبصل مجفف، وزيت زيتون معالج ومعبأ بعبوات لا تتجاوز الليتر الواحد بدلاً من التصدير”الدوكمة” الذي يفتح شهية حتى من لم يكن لديهم شهية أساساً للاحتكار فيخسرون ويحرمون البلاد والعباد من مواد أساسية وضرورية.
وهذا يتطلّب الإسراع في إحداث المنشآت اللازمة لمثل هذه الصناعات ونشرها على نطاق واسع.. فهذا هو الاستثمار الحقيقي وليست متاجر المفرّق ذات النجمات الخمس.

نهى علي

آخر الأخبار
المركزي يصدر دليل القوانين والأنظمة النافذة للربع الثالث 2024 تحديد مواعيد تسجيل المستجدين في التعليم المفتوح على طاولة مجلس "ريف دمشق".. إعفاء أصحاب المهن الفكرية من الرسوم والضرائب "التسليف الشعبي" لمتعامليه: فعّلنا خدمة تسديد الفواتير والرسوم قواتنا المسلحة تواصل تصديها لهجوم إرهابي في ريفي حلب وإدلب وتكبد الإرهابيين خسائر فادحة بالعتاد والأ... تأهيل خمسة آبار في درعا بمشروع الحزام الأخضر "المركزي": تكاليف الاستيراد أبرز مسببات ارتفاع التضخم "أكساد" تناقش سبل التعاون مع تونس 10 مليارات ليرة مبيعات منشأة دواجن القنيطرة خلال 9 أشهر دورة لكوادر المجالس المحلية بطرطوس للارتقاء بعملها تركيب عبارات على الطرق المتقاطعة مع مصارف الري بطرطوس "ميدل ايست منتيور": سياسات واشنطن المتهورة نشرت الدمار في العالم انهيار الخلايا الكهربائية المغذية لبلدات أم المياذن ونصيب والنعيمة بدرعا الوزير قطان: تعاون وتبادل الخبرات مع وزراء المياه إشكاليات وعقد القانون تعيق عمل الشركات.. في حوار التجارة الداخلية بدمشق بمشاركة سورية.. انطلاق فعاليات المؤتمر الوزاري الرابع حول المرأة والأمن والسلم في جامعة الدول العربي... موضوع “تدقيق العقود والتصديق عليها” بين أخذ ورد في مجلس الوزراء.. الدكتور الجلالي: معالجة جذر إشكالي... بري: أحبطنا مفاعيل العدوان الإسرائيلي ونطوي لحظة تاريخية هي الأخطر على لبنان عناوين الصحف العالمية 27/11/2024 قانون يُجيز تعيين الخريجين الجامعيين الأوائل في وزارة التربية (مدرسين أو معلمي صف) دون مسابقة