محمد شريف جيوسي:
أعلنت كل من النرويج وإسبانيا استعدادهما الاعتراف بفلسطين دولة مستقلة، وأن موضوع الاعتراف محل بحث على مستوى الأمم المتحدة، وهو ليس الأول، فقد سبق للجمعية العامة للأمم المتحدة أن أقرت قيام دولة فلسطين بالتزامن مع اعترافها بـ “إسرائيل”, بل وكان الاعتراف بالكيان الإسرائيلي مشروطاً بقيام “إسرائيل”, وعودة اللاجئين لكن القرار لم يطبق إلا في جانبه المتعلق بـ “إسرائيل”, ويشكل هذا مخالفة صريحة لقرارات المنظمة الدولية وشرعيتها المتجاوز عليها مئات المرات من قبل “إسرائيل” والولايات المتحدة.
ومن هنا يعتبر قرارا إسبانيا والنرويج على قدر عالٍ من الأهمية ولكنهما غير قابلين للتطبيق إذ ليس المهم اتخاذ القرارات ولكن التطبيق، ففلسطين والضفة الغربية منها مقطعة الأوصال، وأقيم على أرضها المتبقية من فلسطين آلاف المستعمرات فضلاً عن جدار العزل العنصري من أراضٍ وفصلٍ لأجزاء من الضفة عن بعضها ما يعقدُ قيام الدولة وتواصل أجزائها مع بعضها ذلك فضلاً عما أحدثت حرب الإبادة الإسرائيلية الأخيرة على غزة من دمار هائل.
يعلم الغرب أنه يتحمل مسؤولية قيام الدولة الفلسطينية, ذلك أنه بعد قيام الحركة الصهيونية بسنتين أو ثلاث استقر رأي الدول الأوروبية على إقامة جسم غريب يفصل آسيا عن إفريقيا فكان ذلك بمثابة دعم عملي لقيام الحركة الصهيونية, واتبع ذلك بريطانيا بوعدها المشؤوم للحركة الصهيونية, وما تلا ذلك من مؤتمراتٍ كرست وضع فلسطين تحت الوصاية البريطانية فكان ذلك دعماً إضافياً آخر لقيام “إسرائيل” وكانت الأخيرة شريكاً أو مفجراً أو سبباً لكل الحروب التي نشبت منذ أوائل القرن العشرين.
عند إمعان النظر والتدقيق في كل حروب التي نشبت سواء في المنطقة أو العالم نجد أن إسرائيل هي سببها وشريكة بها ومستفيدة منها فيما تدفع المنطقة والعالم الثمن.
لم يشهد العالم الأمن والاستقرار منذ قيام الحركة الصهيونية بل وكانت شريكاً لهتلر في ممارساته ضد يهود ألمانيا بين من مورس العنف ضدهم من المواطنين الألمان، حيث تلاقت مصلحتان، مصلحة هتلر في الخلاص من اليهود وتهجيرهم، ومصلحة الحركة الصهيونية في تهجير الشباب منهم إلى فلسطين حصراً ما أحدث هجرات ونكبات ديموغرافية ونال الفلسطينيون دون شأنٍ منهم حصتهم الكبرى منها, واستخدم ما اصطلح عليه بـ (المحرقة) كوسيلة ابتزاز لألمانيا على مدى 8 عقود كما استخدمت كمبررٍ لاحتلال فلسطين وإقامة الكيان الإسرائيلي عليها.
بكلمات.. لا أمن ولا استقرار في المنطقة والعالم مع استمرار الحركة الصهيونية وأداتها التنفيذية “إسرائيل” أو بمعنى أدق لا أمن ولا استقرار في العالم طالما بقي الغرب داعماً ومتبنياً لـ “إسرائيل” بمعنى, طالما بقي الغرب يعتقد أن المنطقة حديقته الخلفية وأن “إسرائيل” هي الهراوة التي يستنزف بها المنطقة فلا أمن ولا استقرار في المنطقة والعالم.
وعليه فإن أمن واستقرار المنطقة يتعلق بيد الغرب ودوله الكبرى بخاصة بريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا إن أراد ذلك وإلا فإن الصراع سيستمر حتى كنس المستعمر الصهيوني وحدائق الغرب الخلفية من المنطقة.
هذه المنطقة لشعوبها فقط ودولها الوطنية ولا مستقبل لغير ذلك وإذا لم يرعوي الغرب فليجرب حظّه مع شعوب المنطقة كما جرب مستعمرون كثر قبله.