الثورة – رشا سلوم:
من فضائل هذا الفضاء الأزرق أنه يذكرنا بالكثير من المحطات في حيوات المبدعين، ولادة أو رحيلاً.. ومن حق هؤلاء أن نحتفي بهم أو نضيء بكلمات على ما أنجزوه لأنهم قناديل تنير دروب إبداعنا.
بعض هؤلاء لم يلق ما يستحق من شهرة ومتابعة مع انه كان ومازال ذا قيمة حداثية مهمة.
نقف اليوم عند محطات في حياة الشاعرة الراحلة سنية الصالح.
تقول المعطيات عنها شاعرة وهي زوجة الأديب السوري محمد الماغوط، التقت به في بيت الشاعر السوري أدونيس في بيروت في الفترة التي قضاها الماغوط هناك في أواخر الخمسينيات، وتحل ذكرى ميلادها إذ ولدت في 14 نيسان من عام 1935م.
يقول موقع اليوم السابع عنها:
تزوجت سنية صالح من محمد الماغوط وهى طالبة في كلية الآداب في جامعة دمشق بسورية في الستينيات وأنجبت منه ابنتين هما شام وسلافة.
وفي أحد مقالات الشاعرة سنية صالح، في عام 1972 حكت عن لقائهما الأول قائلة: “كان محمد الماغوط غريباً ووحيداً في بيروت، وعندما قدمه أدونيس في أحد اجتماعات مجلة “شعر” المكتظة بالوافدين، وقرأ له بعض نتاجه الجديد الغريب، دون أن يعلن عن اسمه، ترك المستمعين يتخبطون (بودلير؟.. رامبو؟..) لكن أدونيس لم يلبث أن أشار إلى شاب مجهول غير أنيق، أشعث الشعر وقال: هو الشاعر.
لا شك أن المفاجأة أدهشتهم وانقلب فضولهم إلى تمتمات، أما هو، وكنت أراقبه بصمت، ارتبك واشتد لمعان عينيه، بلغة هذه التفاصيل وفى هذا الضوء الشخصي، نقرأ غربة “محمد الماغوط”، ومع الأيام لم يخرج من عزلته بل غير موقعها من عزلة الغريب إلى عزلة الرافض”.
وللشاعرة سنية صالح التي رحلت عن عالمنا في عام 1985م، عدة دواوين شعرية منها “ديوان “الزمان الضيق” ـ 1964م، و”حبر الإعدام – 1970م، و”قصائد” – 1980م، كما كتبت كتاب “ذكر الورد” – 1988م، و”الغبار” 1982م.
وفازت الشاعر سنية صالح بعد جوائز منها : جائزة جريدة النهار لأحسن قصيدة حديثة عام 1961، وجائزة مجلة “حواء” للقصة القصيرة عام 1964، وجائزة مجلة “الحسناء” للشعر عام 1967..
من قصائدها..
ها هُوَ حصانُكِ الثلجيُّ يطير
مجنوناً بنار المستقبل.
تلمع عيناه ببريق الدهشة
شيءٌ ما يغريه في المضي
شيءٌ ما يمنعه ويشد لجامه..
.. وعندما تحاصرك الرياح السوداء،
يحاصرك الأولياء الشرسون،
أَسرجي خيولك للفِرار..
نامي في العراء
حيث نار الحقيقة تضطرم
حيث تقلُّبات الزمن، بخطواتها الخرساء
تذهب وتجيء
كنمر يلتقط الأرض بأقدامه..
ومن قصيدة ثانية حملت عنوان: فصل الحب ..
حين يأتي المساء
ننهض كالضباب فوق الأعشاب
نبحث عن أشعارنا
وعن دموعنا الذابلة.
إطْوِني كما تَطوي أوراق الشِّعر،
كما تطوي الفراشات ذكرياتها
من أجل سفر طويل.
وارحلْ إلى قمم البحار
حيث يكون الحُبُّ والبكاءُ مُقَدَّسَين.
***
أبداً نحمل فوانيس الندم
نبحث عن ذاكرة الطفولة.
لسنا الجسد،
ولسنا الجريمة المحمولة،
ولا الرُّوحَ الإلهية.
حيث تتعرى الأحلام
ويستعر حوار الدم
ارسم وجهي،
وأرسو..
… الليل نشيدٌ شجيٌ
وليلة المحبين غابة مسحورة
لنشهد لليل الصمت.
وليكن ذلك عربون الجنون