الثورة- منال السماك:
استرخصوا دماءهم الزكية في سبيل عزة كل ذرة من تراب سوريتهم الغالية، فانتزعوا بتضحياتهم الجسام الحرية من فم طغاة الاستعمار الطامع بخيراتنا وثرواتنا، ونسجوا ببطولاتهم وشاحاً مزركشاً بألوان الحرية، ألقوا بشجاعة على قامة وطن شمخ عالياً بكبرياء وأنفة، لا تناله مطامع المستعمرين الغزاة، وبمعارك باسلة وبثورة عربية كبرى قادها أبطال الجلاء لقنوهم دروساً بالإباء والبطولة، لينال الوطن شرف الاستقلال والتحرر من الانتداب الفرنسي، وهكذا كانت أسطورتنا السورية بجلاء المستعمر الفرنسي، ليكون عيداً نباهي به العالم قاطبة، ونسجل في صفحات التاريخ بطولات خالدة.
قوافل من الشهداء عبدت طريقاً نحو تاريخ البطولة ضد المستعمر الطامع، وكان يوم الحلم الذي تطلع إليه مناضلون وأبطال من كل البقاع السورية، جمعهم حب الوطن والغيرة على حريته وسيادته، وبالجلاء العظيم نهضت سورية لتزهو بالحرية، ولتعلن قدرة شعبها على إذلال المستعمر مهما كانت جنسيته، وإجباره على مغادرة الأراضي السورية الطاهرة، التي لا تعرف إلا أن تكون حرة عصية على الأعداء، فكان في مثل هذا اليوم خروجهم بذل ما بعده ذل، وبعار ما بعده عار طأطأ رؤوسهم، وكما دخلوا خرجوا مهزومين يجرون ذيول الخيبة والهزيمة، وكذلك سيخرج أذنابهم وذيولهم الآن من آخر شبر من ترابنا الغالي، وما أشبه الأمس باليوم ونحن نطهر وطننا من الإرهاب ببطولات جيشنا العربي السوري الباسل.
في مثل هذا اليوم 17 من نيسان كانت البصمة التاريخية لأبطال سوريين، بصمة عز وانتصار ضد المحتل الغاشم، حيث كان رفضهم المدوي للاحتلال ليس مجرد كلام يقال من دون أفعال، بل كان معاركاً في ساحات القتال، فنسجوا من دمائهم الزكية وقاماتهم الشامخة رايات الحق التي ما زالت ترفرف علماً سورياً خفاقاً على أراضينا السورية، ذاك العلم الذي صنعه أبطال أشاوس، وفي طليعتهم يوسف العظمة وسلطان باشا الأطرش وحسن الخراط وصالح العلي وإبراهيم هنانو وأحمد مريود وغيرهم من الأبطال.
هؤلاء الأبطال أناروا تاريخنا السوري بالجلاء العظيم، واليوم وبعد 78 عاماً يعيد الأحفاد تاريخ البطولة والتضحية، ويؤكد أبطال الجيش العربي السوري تمسكهم برسالة الاستبسال لحماية الوطن من رجس الإرهاب، فالمعركة كانت وما زالت من أجل كرامة تراب سوريتنا المقدسة.