الثورة- عمار النعمة:
لا شكّ أن السوريين تاريخهم عابق بالنضال كما الحاضر يسجلون ملاحم العزّ والفخار في كل مكان من على هذه الأرض المقدسة، فذكرى الجلاء لا تزال محفورة في الوجدان والقلوب، لأنها ثورة الشعب السوري الحقيقية في وجه المستعمر الفرنسي، ثورة العز والكرامة التي اختلط فيها الدم السوري لتكون حكاية تتوارثها الأجيال ويرويها الأحفاد عن بطولات الأجداد، ورسالة إلى العالم أجمع عن بسالة ذلك الشعب وإرادته الصلبة.
اليوم كما الأمس العدو واحد لكن بحلة مختلفة، ورغم ذلك سطّر السوريون خلال الحرب الظالمة عليهم أروع الملاحم، فصبروا وصمدوا وقاتلوا وانتصروا ليحققوا جلاءً آخر ضدّ قوى الإرهاب، وما زال التاريخ يسجل ويفخر بمآثر هذا الشعب.
ألم يقل بدر الدين الحامد شاعر النضال الوطني قصيدته الأروع:
يوم الجلاء هو الدنيا وزهوتها
لنا ابتهاج وللباغين إرغام
نعم، يحتفل السوريون بذكرى الجلاء وقد ارتسمت في وجدانهم ذاكرة تمتد في جذور سنينهم، فهي عنوان للنصر والعزة والكرامة، وللمستقبل المشرق الذي تتحقق فيه طموحاتنا وآمالنا.. فالذاكرة لا تقف عند تخوم الحدث بقدر ما تحاول أن تعيد المشهد الذي دوّن فيه السوريون أروع الانتصارات وخطوات الاستقلال الأولى وخطوات ما بعد الجلاء.
يوم الجلاء يستعيد السوريون حضوره في يومياتهم وأمنياتهم وذكرياتهم، وهو يتكرس بشكل أكثر فاعلية في سياق إحداثيات المشهد العالمي، وهنا نستذكر معاً الشاعر سليم الزركلي الذي تغنى ببطولات السوريين التي أضاءت درب الجلاء العظيم حين قال:
اليوم عيدك يا دمشق فهللي
وتفتحي من عالم محسان
عيد بأفراح الجلاء وصنوه
يتناصر الأخوان والأقران
يا يوم يعرب في دمشق لك
الفدا حييت بالأزمان والأوطان
الراية الكبرى ترفرف والعلا
تبني معاهدها بكل مكان
يوم الجلاء طاهر ومقدس ومحصن بدماء الشهداء، دماء أبنائنا وأجدادنا، من دمشق إلى حمص إلى حماة وطرطوس واللاذقية وإدلب والسويداء، هكذا هم السوريون يتشاركون العوامل ذاتها، وهذا هو النسيج النضالي الذي لم يعرف التاريخ مثيلاً له إلا في سورية..
مسيرتنا مستمرة بشعبنا الأبي وجيشنا المغوار وقيادتنا الحكيمة، لتبقى سورية كما كانت عزيزة كريمة بهية، شعلة النور للعالم كله.. وكل عام وأنتم بألف خير .