د. جورج جبور:
لا أذكر أين التقينا لأول مرة وكيف ومتى لكنني أذكر أننا كنا دائما على اتفاق. وأقول مباشرة إن معظم الفضل في اتفاقنا إنما يعود إلى سجاياه الحميدة المدربة على حوار يؤدي دائما إلى نقاط مشتركة.
متعدد الاهتمامات كان الأمين العام لاحتفالية حلب عاصمة الثقافة الإسلامية. التقينا في عدة مدن لكن معظم لقاءاتنا كانت في مدينة عشقها وتقرى بيديه بيوتها حتى اهتدى إلى بيت المتنبي.
يحدثك عن حلب فتكاد تكون معه مشاهدا كل مفصل في تاريخها، ثم ينطلق بك من روح حلب التنوير ليصاحبك في حوار الديانات والثقافات فيبدو وكأنه مؤتمن على ترويض نزاعات العالم. مدرس للغة العربية هو، ولكنه لا يخشى من رفع صوته منحفظا على ما لم يتحفظ عليه معظم مدرسي العربية في البلاد العربية ، مطالبا بيوم للغة العربية لائق بها.
هو رئيس جمعبة العاديات. حدثته ذات يوم عن حروب الفرنجة وعن مسعى لتكون معها وقفة توازن فكري عالمي في الذكرى التسعمائة لإطلاق فكرتها. رحب بل استبد به حبه للتوازن الفكري العالمي فكانت له جولات موفقة في تلك الساحة. ثم لم تكن صدفة أنني حين عدت أوائل هذا العام إلى أوراق قديمة عن مغامرة البابا اوربان الثاني وجدت من المناسب أن أضع بين أوراق العمل رسالة منه إلى مغترب سوري بشأن حروب الفرنجة. رسالة قديمة ضمن أوراق العمل؟ كيف؟ قلت: أرسلها إلى كاتبها لأتحالف معه في جهد جديد يحاول رفع مستوى النقد الذاتي البابوي لوحشية تلك الحروب إلى مستوى اعتذاري يليق بذكرى ربع قرن على ما كان في الفاتيكان ذات يوم من آذار 2000. رحل قبل أن يعيد قراءة رسالته. لكنه مقيم في جمعبة العاديات. ها أنذا أضعها هنا في يوم وداعه.
مرفق رسالة مؤرخة في 28 كانون أول1998.
التالي