ديب علي حسن:
يحفل شهر نيسان بالكثير من الأعياد الوطنية والمناسبات الاجتماعية التي تحمل في جعبتها الفرح والسرور.
ولعل أعظمها وأكثرها حضوراً في القلب والعقل والوجدان ما يسمى ( طالرابع) .. أي الاحتفال بعيد الجلاء يوم السابع عشر من نيسان.
ويروى أن الجلاء توافق مع احتفال قديم جداً يقام في الساحل والشمال السوري بمناسبة قدوم فصل الربيع أطلقوا عليه اسم (الرابع).
فزاد هذا التوافق الأمر بهجة وسروراً..
وفي بقايا الصور أننا كنا تتهيأ للاحتفال بهذه المناسبة قبل عدة أيام.
ثياب جديدة يجب أن تكون حسب ( الموضة الدارجة) حينها وكانت السموكين والتريفيرا والشارلستون وغيرها هي الأكثر حضوراً.
في الصباح الباكر ستجد أن الأمهات أعددن لنا فطوراً شهياً مادته الأساسية البيض المسلوق الملون.
مع أعدائنا ما يسمى (الخرجية) والمحظوظ من كانت خرجيته تصل إلى خمس ليرات.. ليس بقطعة واحدة إنما بمكوناتها وأكثرها الربع.
مكان الاحتفال وسط بين القرى المجاورة..حيث يقام السوق الشعبي وتعقد حلقات الدبكة والرقص وتبرم صفقات البيع والشراء.. أو الحب والغرام والمواعيد وتبادل الآراء ولقاء أهل القرى.
ولا يشتد أوار العيد أو الاحتفال إلا بعد أن يصل أبو حسين من بانياس وهو ضارب الطبل ومعه عازف المزمار الساحر بما يقوم به.
أما أبو حسين فله قصص كثيرة في إبداع الضرب على الطبل.. وطبعاً يجب أن يكون أهل القرى قد حجزوا موعداً معه قبل عدة أيام.
يستمر الاحتفال أكثر من يوم حسب الطقس والأحوال الجوية.. ولكن لابد أيضاً أن يقام بمكان آخر بين عدة قرى مجاورة كنوع من العدالة الاجتماعية بين الجميع.
ظلت هذه الاحتفالات قائمة حتى منتصف الثمانينات، إذ حدث ما حدث من ظروف طارئة ومن متغيرات على الكثير من مظاهر الحياة.
الاحتفالات الشعبية في كل أرجاء سورية لها فلسفتها الجمالية والإنسانية التي تدل على عمق تحذر السوريين بالحياة وقدرتهم على ابتكار الفرح.
من يستطع أن يعيد من الذاكرة ويدون ما كان يردد من أهازيج وأغان يقدم ثروة هائلة للتراث الشفوي السوري.
صحيح أن ثمة من قام بذلك مثل سلمى فريال الشويكي وحيدر نعيسة وعيسى عبود وغيرهم، ولكننا مازلنا بحاجة إلى المزيد.
كل (رابع) وأنتم بخير.
السابق
التالي