يوسف جابر – كاتب لبناني:
منذ السابع من شهر أكتوبر تاريخ عملية طوفان الأقصى حيث مضى 200 يوم والعدوان الصهيوني الوحشي مستمر على قطاع غزة بإبادة شعب بأكمله دون أن يرف جفن عند البعض من الغرب الذين يتباهون بالإنسانية كرمى لعيون أميركا أو بعض العرب الذين يتباكون على القدس والأقصى, بالوقت الذي أصبح تعداد سكان غزة حوالي 2,3 مليون فرد, يراد من وراء ذلك إنهاء قضية الوجود الفلسطيني في تلك المناطق رفضاً لحل الدولتين الذي تتبناه الأمم المتحدة التي لم تفرض تنفيذ وتطبيق القرار نتيجة الفيتو الأميركي لصالح الكيان الإسرائيلي والتي توافق ضمنياً على قرار تهجير أهالي غزة إلى سيناء وأهالي الضفة إلى الأردن تنفيذاً لمخطط أعده مهندس السياسة الصهيونية اللواء إيغور آيلاند في العام 2000.
وها هي المنظمات الدولية والإنسانية بعد مضي 200 يوم من الجرائم الصهيونية التي لم ترحم طفلا أو امرأة أو شيخا مسنا, حيث لم يتخذ قرار حاسم في الأمم المتحدة بوقف العدوان الهمجي, بل بدا واضحاً إعطاء “إسرائيل” الوقت للقضاء على المقاومة التي صمدت وتصمد بإرادة وعزيمة نتيجة التفاف المجتمع الفلسطيني مع المقاومة التي صنعت المعجزات بكسر هيبة جيش الاحتلال الصهيوني الذي يعد الخامس عالمياً نتيجة الدعم الأميركي والغربي المباشر له, وعدم تحقيق حلم نتنياهو الذي يعاني من مرض النرجسية الحمقاء.
لقد أظهر الشعب الفلسطيني قدرة تحمله على الصمود بإرادة كاملة وأنه على استعداد لمواجهة زمنية أطول لنزع القبول والموافقة من مجرم الحرب نتنياهو بقبول شروط المقاومة وهي: عودة كل الأهالي لمناطقهم وإعادة بناء وإعمار كافة الأبنية والمؤسسات ودور العبادة وعدم تحليق الطائرات الحربية والمسيرات وعدم القيام بأي عدوان بالإضافة لفتح كافة الممرات والمعابر أمام الأهالي للتواصل فيما بينهم أي عدم تقييد حرية الانتقال والوصول على أماكن العبادة والمقدسات بالتحديد.
إن الإصرار على تفريغ منطقة غزة من السكان والأهالي ليس مجرد تطبيق لرؤية صهيونية وحسب, إنما مقدمة لثلاثة أمور متكاملة, الأول: التمهيد لطرد الفلسطينيين من داخل المناطق كافة, والثاني: إنهاء حق العودة, والثالث: إحياء فكرة أن الأردن هو الدولة الفلسطينية التي يجب على الفلسطينيين العيش فيها والهجرة إليها كما سبق وذكرنا في مشروع آيلاند, هذه الأمور تعد نسفا كاملا لصيغة الدولتين ألتي أعلن عنها في وقت (سابق) الرئيس باراك أوباما والتي أصبحت محل قبول عربي وإسلامي عند البعض الذين ذهبوا للتطبيع والعلاقات مع الكيان الصهيوني.
لذلك الخشية من عدوان إسرائيلي على منطقة رفح للضغط على المقاومة للتهجير إلى سيناء كمقدمة لأي حل أو قبول بأي اتفاق تفرضه الأمم المتحدة.
أسئلة عدة تطرح وتسأل: لماذا الأمم المتحدة مجتمعة لم تقم بإدانة الكيان الصهيوني على جرائمه في غزة والتي وصل عدد الشهداء الفلسطينيين فيها نتيجة العدوان لحوالي 34 ألف شهيد وعدد الجرحى لحوالي 77 ألف جريح أغلبهم من الأطفال والنساء وكأن العدوان مسلط على إنهاء نشوء الأجيال, إضافة لعدد كبير من الذين يموتون من الأطفال بسبب عدم توفر العلاج والاستشفاء بسبب دمار المشافي, وأما المفقودين فالأرقام تتحدث عن الآلاف من المفقودين, كل ذلك والمنظمات الدولية والإنسانية لم تتحرك ولم ترفع الصوت تنديداً بالجرائم التي يرتكبها جيش العدو الإسرائيلي.