الملحق الثقافي-رنا بدري سلوم:
أيّ ماء ترتويه ورود القلب حتى تحيا الأحاسيس بها، وتنضج لتفوح بعطر قصائد تتجاوز حدود الزّمان والمكان؟ أي شعرٍ هذا الذي يلوّن الوجنتين ويحدث قشعريرة في الجّسد من طواف الحروف حول الفؤاد والفكر والرّوح؟ فتتّقدُ ثورة ووردة ونار وتتفتح على الجّباه غصون غار، ولعل الحدثُ عظيمٌ كعظمة حروفهم حتى نثروا على مروج نيّسان قصائد وورد تفوح بشعورٍ وطنيٍ في كل حين، هو «عيد الجّلاء هو الدّنيا وزهوتها، لنا ابتهاج وللباغين إرغام، يا راقداً في روابي ميسلون أفق، جلت فرنسا وما في الدّار هضّام» من عاطفةِ الشّاعر بدر الدّين الحامد الحماسيّة في قصيدته تلك التي لاتزال تسكن الوجد والضمير، إلى الشّاعر عمر أبو ريشة متخيّلاً الجّلاء عروساً في ليلة جلوتها «يا عروس المجد تيهي واسحبي، في مغانينا ذيول الشّهب». فكم يصعب علينا أن نختصر انتصارات الحروف ويخضور الأبجديّة في قصائد أرّخت جلاء الظلام لتعيد للغار حياته وربيعه، ومن الأصعب أن نستذّكر أسماء شعراء تفتّحت قريحتهم فنثروا القوافي جداول تروي عطش الرّوح للانتصارات، للسلام الذي صنعه الشّهداء الأبرار على امتداد الوطن، شعراء استوطنتهم الأرض فتجذّروا فيها ورنوا إلى الحريّة واستقرؤوا الحياة حتى
امتشقت كلماتهم لتطول العُلا، ولا تزال تحمل نياشين الحريّة والاستقلال، ونحن لا نزال ننتظر الحريّة من براثن كل معتدٍ غاصب غادر، ننتظر أن تسطع شمساً، وينجلي الليل من بلاد الشّمس التي تخط بنورها قصائد الحياة والحريّة لتغدو الشآم في عيون الشعراء كما كانت وتبقى بيت القصيد.
العدد 1186 –23-4-2024