الملحق الثقافي- حسين صقر:
كثيرة هي الكتب التي بقيت خزينة الرفوف والأدراج ولم تر النور أو تصل لأيادي القراء، مع أنها تحمل قيماً إبداعية كبيرة، وغنية بالمعلومات والمواقف، في الوقت الذي تنتشر فيه كتب لا تعرف لها بداية من نهاية، حتى لو قرأتها عشرات المرات، ليس لأن القارئ لايدرك أو يفهم، بل بسبب الطلاسم الموجودة فيها والتي تعج بين سطورها وكلماتها، وغير محددة الهدف.
وهذا ليس اتهاماً، لأن الجميع يعلم بأن ثمة كتباً رديئة تملأ المكتبات والطرقات، وتلاقي إقبالاً وطلباً كبيرين، وفوق ذلك تم تسويقها درامياً أيضاً.
هذه المرحلة تسمى مرحلة صناعة وتسويق ويمكن أن يكون ذلك محض المصادفة، حيث يحكم ذلك العلاقات العامة بين الناس، إذ يتعرف مخرج أو منتج على مؤلف الكتاب، أو مؤلفته، والأخيرة أكثر احتمالاً، ولغاية في نفسه يتابع هذا الكتاب من ألفه حتى يائه ويتبناه، ويبحث له عن كاتب السيناريو المناسب، وفجأة نرى عملاً درامياً وقد تصدر الشارة أنه مأخوذ عن رواية فلان.
الأمثلة على ذلك كثيرة، في الوقت الذي بقيت فيه كتب حبيسة الأدراج، وقد تآكلت بالغبار والعوامل الجوية دون أن يفتح صفحاتها الأولى أحد، ويغادر صاحبها الحياة دون أن يكحل عينه ولو بحديث واحد عنه.
إذاً فالتسويق الإبداعي وصناعة الكتاب بين المصادفة والصناعة، هو حديث الناس، وهناك الكثير من النماذج لذلك، ولاداعي لذكر أسماء أصحابها، حيث تتاح لتلك الأعمال فرص تجعلها من أكثر الروايات مبيعاً، حتى قدم منها للسينما والتلفزيون والمسرح، بل تُقدم أيضاً لتتم ترجمتها إلى اللغات العالمية.
إذاً ليس كل كتاب لم يقرأ رديئاً، وليس كل كتاب لقي انتشاراً يكون جيداً، بل هي مجرد صناعة وتسويق، عبر خطة تسويقية محكمة تجعلها من أكثر المبيعات في العالم، وهو ما بتنا بحاجة له، وذلك من خلال التفكير بتسويق الأدب العربي بعيداً عن المصادفة، شريطة أن يكون أدباً صادقاً يعبر عن الوجدان العربي، وليس إرضاءً لمؤلفه.
وهذا التسويق بحاجة قصوى لخطاب تقديمي، لأنه من أهم العتبات النصية التي يعتمدها الروائي المعاصر في رسم استراتيجيات النص، وتصديره للمتلقي، وجعله قارئاً مفعلاً، وذلك من خلال توضيح أي لبس ومساعدته وتحريضه على القراءة، ولهذا قال العامة:»إن المكتوب يُقرأ من عنوانه».
وإضافة لذلك هناك أنواع كثيرة للتقديم، منها خطاب المقدمة الذاتي الذي يكتبه المؤلف، وخطاب المقدمة الغيري، والذي يكتبه كاتب أو مبدع معروف، وكلاهما يؤسس لمجموعة من العلاقات، التي تسهم في توزيع الكتاب.
فوق ذلك هناك مايسمى، مفهوم الإرشاد المهني، أي توجيه المؤلف نحو طريقة التسويق، لكونها قصة تزيده احترافياً، بأنه علاقة احترافية، وتمكنه من الوصول لأهدافه الإبداعية أو المهنية أو حتى العلمية والاجتماعية.
وبالنهاية صناعة الإبداع عامل مهم لاستمرار الكاتب وتحفيزه على الإبداع، وذلك يتم من خلال وجود لجان مابعد الطبع والتوزيع تتبنى هذا العمل الإبداعي أم ذاك.
العدد 1186 –23-4-2024