الثورة – رانيا حكمت صقر:
من خلال تحفه الفنية التي لا تعكس جماليات التشكيل النحتي فحسب، بل تحمل في طياتها جزءاً من الروح السورية وتراثها العريق، النحات هشام المليح تحدث عن تجربته لـ “الثورة” معتبراً اللوحات الثمانية التي زينت النفق أكثر من مجرد تزيين، هي تاريخ محفور يحكي حضارات سورية، من دمشق الشامخة إلى الجامع الأموي العريق، مروراً بألواح الكتابة الأوغاريتية، وصولاً إلى أقواس تدمر التي تحكي قصصاً من الماضي العميق.. تجسيد قلعة حلب ونواعير حماة، يضيف إلى النفق بُعداً آخر ممتزجاً بروح المكان، بينما تحيي واجهة سوق الحميدية الذكريات في قلوب السوريين وتفتح نافذة جمال في خضم الحياة اليومية.
المساعي الجليلة للنحات المليح في تغيير نظرة المتلقين إلى فن النحت، وإظهاره كوسيلة لتعزيز الهوية الوطنية وكوسيلة تثقيفية، فعلٌ يستحق الإشادة، فلقد حوّل قطعة من البنية التحتية إلى مسرح يشهد على الغنى الثقافي الذي تتمتع به سورية، مقدماً درساً أن الفن ليس فقط للزينة، بل هو أيضاً للتوعية والتعليم.
استغراق خمسة شهور في العمل على هذه اللوحات، باستخدام الصلصال والريزين إلى جانب بقايا الحديد التي استخدمت في بناء النفق ما يدل على الابتكار، ويتيح ديمومة أكبر للأعمال، وتنوعها في الأحجام يدل أيضاً على الصبر والدقة في الإتقان.. ومن دون شك، ستقف هذه الأعمال شاهدة على غنى الفكر والإبداع السوري لعقود قادمة.