يرجع علماء التربية والنفس أغلب الاضطرابات النفسية والسلوكية إلى مرحلة الطفولة لأنها المرحلة الحاسمة في تكوين شخصية الإنسان، فتأثيرها لا يمحى ولا يزول وعليها ترتكز فرص نجاحه المستقبلي، من هنا تبرز ضرورة بل حتمية الاستثمار في هذه المرحلة الذهبية صحياً وقيمياً وتعليمياً، وهذه مسؤولية الأهل والأشخاص الذين يقدمون الرعاية للطفل من روضة ومدرسة ومجتمع محلي.
ربما يخفق بعض الآباء في توفير الاحتياجات النمائية لأطفالهم في مجال الصحة أوالتعلم أو التطور العاطفي أو التغذية تحت مبررات غير مقنعة ووهمية كضيق الوقت أو وجع الجيب، فتراهم يهملون رعايتهم عند المرض بعدم اصطحابهم إلى الطبيب والاستعانة بخبرة الجارة أو الجدة أو أقرب صيدلية، وفي ظلّ ضعف متابعة مدرسية حثيثة من الأهل إضافة لنفور بعض الطلاب من المعلمين وأسلوب تعاطيهم مع الطلاب التهديدي والتعجيزي، ما يخلق أرضاً خصبة لتفكيرهم بهجر مقعد الدراسة ،والانجرار وراء عمالة تحرمهم فرح الطفولة وبراءتها والمجتمعات التي ينخرط فيها الأطفال بسوق العمل تشيخ باكراً لتوقف ضخّ دماء الحياة لبقائها واستمراريتها.
لا يمكن لأي أسرة كانت أن تمنع أطفالها من الاحتكاك بالآخرين في المدرسة والشارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي في عصر السرعة والتقدم العلمي والتقني وما تفرزه الحياة المعاصرة من انفتاح إعلامي وما تبثه الفضائيات من مشاهدة برامج أفرزت أطفالاً نضجوا قبل الآوان، فرضوا على الوالدين ضرورة التزود بوعي متجدد ومتابعة مستمرة ومهارة تربوية تعليمية تعتمد التشجيع والتقدير والتحفيز للأبناء والاحترام المتبادل وحقنهم بفيروس الثقة بالنفس والاستقلالية.
إن عقل الطفل أكبر استثمار في المجتمع عندما نعترف بوجوده وأهميته، فأطفال اليوم هم أجيال الغد وأمل المستقبل وعليهم يتوقف بناء المجتمع وتطويره.